لهذا المعنى؛ كما قال: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7]، فَأَنَّثَ؛ لمعنى (الطائفة)؛ كما يقال: (لقيته ذات يوم)، فيؤنثون؛ لأن مقصدهم: لقيته مرَّةً في يوم. وقد ذكرنا زيادة في الشرح والبيان عند قوله {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: 155].
120 - قوله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} الآية. (المَسُّ)، أصله باليد، ثم يُسَمَّى المُقارِبُ والمخالِطُ: (ماسًّا)؛ تشبيهًا بالمتناوِلِ للشيء، فيقال: (أمْرُكَ يَمَسُّنِي)؛ أي: يَكْرِثُني (¬1)، ويهمني، ويَقْرُبُ مِن قلبي. فأشبه بذلك المَسَّ بالأصابع (¬2).
ومعنى (الحسنة) -ههنا-: النصر (¬3)، والغنيمة، والخِصْب (¬4).
¬__________
(¬1) يقال: (كَرَثَه، وأكرَثَه الغَمُّ)، (يكرِثُهْ ويَكرُثه): اشتد عليه، وأقلقه، وحرَّكَه. و (الاكتراث): الاعتناء. و (لا تكترث بالأمر): لا تعبأ به، ولا تبالي. وذكر ابن الأثير أنها لا تستعمل إلا في النفي، وقد جاءت في الإثبات وهو شاذ.
انظر: (كرث) في: "أساس البلاغة" 2/ 302، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير 4/ 161، و"التاج" 3/ 252.
(¬2) يقال: (مَسَسْتُ) -بفتح السين الأولى وبكسرها-، (أمَسُّ مَسًّا ومَسِيسا، ومِسِّيسَى): وهو ما كان باليد. و (المَسُّ، والمَسِيس) يُكنى به عن النكاح -كذلك-. ويقال: (مِسْتُ) - يحذفون السين الأولى، ويحولون كسرتها إلى الميم، أو تترك الميمُ مفتوحة. انظر: "العين"، للخليل 7/ 208، 209 (مسس)، و"إصلاح المنطق" 211، و"المقاييس" 5/ 271، و"الفرق بين الحروف الخمسة" 408، 409، و"بصائر ذوي التمييز" 4/ 498.
(¬3) في (ج): (النصرة).
(¬4) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة 1/ 103، و"تفسير الطبري" 4/ 67، و"بحر العلوم" 1/ 295، و"تفسير ابن كثير" 1/ 429.
لفظ الآية في (الحسنة) و (السيئة) عامٌّ، لم يخصص نوعًا منها دون نوع، فيدخل فيها كل ما يحسن ويسوء. وما ذكره المؤلف من النصر والغنيمة والخصب، إنما هو على سبيل التمثيل لها. انظر: "المحرر الوجيز" 3/ 292.