وقوله تعالى: {خَائِبِينَ} الخَيْبَةُ: حِرْمانُ البُغْيَة (¬1)، ولا تكون إلّا بعد الأَمَلِ. واليَأْسُ قد يكون قبل الأَمَلِ، وقد يكون بعده. فنقيض اليَأْسِ: الرَّجَاءُ، ونقيض الخَيْبَةِ: الظَّفَرُ.
وقد أنجز الله وَعْدَهُ يوم بَدْرٍ؛ بِقَطْع (¬2) طَرَفٍ مِن الكفار بالقتال والأسر، وَرَدَّ الباقين منهزمين، خائبين مِمّا أَمَّلُوا مِن الظَّفَرِ، فتحقق نصرُه، وعَلَت كلمَتُهُ.
128 - قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} الآية.
ذَكَرَ النحويون -الفرّاء (¬3)، والزّجاج (¬4)، وغيرُهما (¬5) - في هذه الآية قولين:
¬__________
= و"معاني القرآن" للزجاج 1/ 467، و"ابن أبي حاتم" 3/ 756، و"نزهة القلوب" للسجستاني 485، و"بحر العلوم" 1/ 297، و"زاد المسير" 1/ 454.
قال ابن قتيبة: (لأن أهل النظر يَرَوْن أن التاء فيه منقلبة عن دال؛ كأن الأصل فيه: (يكبدُهُم)، أي: يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ وشدة العداوة. ومنه يقال: (فلان قد أحرق الحزنُ كبِدَهُ). و (أحرقت العداوة كبده). والعرب تقول للعدو: (أسود الكبد) ..) ثم أتبع قائلاً: (والتاء والدال متقاربتان المَخرَجَيْن. والعرب تدغم إحداهما في الأخرى، وتبدل إحداهما من الأخرى). "تفسير غريب القرآن" 110. وانظر (كبت) في "تهذيب اللغة" 4/ 3088، "اللسان" 6/ 3805، "عمدة الحفاظ" 477.
(¬1) انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 957 (خاب)، و"معاني القرآن" للنحاس 1/ 472، و"اللسان" 3/ 1297 (خيب).
(¬2) في (ج): (فقطع).
(¬3) في "معاني القرآن" له 1/ 234.
(¬4) في "معاني القرآن" له 1/ 468.
(¬5) انظر: "معاني القرآن" للأخفش 1/ 215، و"تفسير الطبري" 4/ 86، و"إيضاح الوقف والابتداء" لابن الأنباري 2/ 583، و"القطع والائتناف" للنحاس 233، و"معاني القرآن" له 1/ 474. واستحسنه الثعلبي في "تفسيره" 3/ 115 ب.