كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 5)

وذُكِر عن محمد بن إسحاق بن يَسَار، أنَّه قال (¬1): [في] (¬2) هذه الآية معاتَبة للذين عَصَوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمرهم بما أمرهم به يوم أُحُد.

133 - قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} قُرِئ بالواو، وبغير الواو (¬3). فَمَن (¬4) قرأ بالواو؛ فلأنه عَطَفَ الجملة على الجملة، والمعطوف عليها قوله: {وَأَطِيعوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}، {وَسَارِعُوَاْ}.
ومَن تَرَكَ الواو؛ فلأن الجملة الثانيةَ مُلْتَبسَةٌ بالأولى (¬5)، مستغنية بالتباسها عن عطفها بالواو (¬6).
وقد جاء الأمران في التنزيل، في قوله: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22] الآية (¬7)، وقوله -تعالى-: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
¬__________
(¬1) قوله، في: "سيرة ابن هشام" 3/ 61 - 62، و"تفسير الطبري" 4/ 91، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 761.
(¬2) ما بين المعقوفين زيادة من (ج).
(¬3) قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر: {سَارِعُوا} بغير الواو. وهي في مصاحف المدينة والشام.
وقرأ باقي القرّاء: {وَسَارِعُوا} بإثبات الواو. وعليه مصاحف مكة والعراق.
انظر: "القراءات" للأزهري 1/ 126، و"الحجة" للفارسي 3/ 78، و"المبسوط" لابن مهران 147، و"النشر" 1/ 242، و"كتاب المصاحف" للسجستاني (38).
(¬4) من قوله: (فمن ..) إلى (.. فكذلك المكسورة تجلبها): نقله عن "الحجة"، للفارسي 3/ 78. نقل بعض العبارات بالنص، وبعضها تَصرَّف فيها.
(¬5) وذلك لأن الضمائر فيها وفي التي قبلها متحدة، وكذلك المأمورين غير مختلفين. انظر: "الكشاف" 1/ 356.
(¬6) وهي كذلك مستأنفة. انظر: المرجع السابق، و"التبيان" ص 208.
(¬7) وجه الدلالة فيها أن قوله تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} يجوز فيه من الناحية النحوية دخول واو العطف على {رَابِعُهُمْ}، وكذا دخولها على {سَادِسُهُم}،=

الصفحة 589