كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 5)

دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَاَلأَرضُ} عندنا -في عادة الاستعمال- من ألفاظ التأبيد، خُوطِبْنا على ما نَعْرِف (¬1)؛ كذلك في هذه الآية.
وسُئِل أنسُ بن مالك عن الجَنَّة: أفي الأرض أم في السماء؟ فقال: وأيُ أرضٍ وسماءٍ تَسَعُ الجَنَّة؟! قيل: فأين هي؟ فقال: فوق السَّموات السَبْع، تحت العَرْش (¬2) (¬3).

134 - قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} قال ابن عباس (¬4): يعني: في اليُسْرِ والعُسْر. كأنه يريد: السَّرَّاء؛ بكثرة المال، والضَّراء، بِقِلَّتِهِ.
وهذه الآية من صفة المُتَّقِين الذين أعِدت لهم الجَنَّة. وأول ما وصفهم الله تعالى به: الإنفاق في كل حال. وهو من أقسام السَّخَاء.
وقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} يقال: (كَظَمَ غَيْظَه): إذا سكت
¬__________
(¬1) هذا القول هو ما ذهب إليه الطبري في "تفسيره" 12/ 117. وهناك قول آخر، وهو: إن المراد: سموات الدار الآخرة، وأرضها، وهي دائمة بدوام الدار الآخرة؛ حيث إنه لابد لهم من أرض تقلهم وسماء تظلمهم. وقد ورد عن ابن عباس قوله: (لكل جنة أرضٌ وسماء) وروي نحوه عن السدي والحسن.
انظر: "المحرر الوجيز" 7/ 401، و"تفسير النسفي" 2/ 173، و"تفسير أبي السعود" 4/ 241، و"تفسير ابن كثير" 2/ 504، و"فتح البيان" 4/ 403، و"منهج صديق حسن خان في تفسيره" 526 - 527.
(¬2) أورد قوله هذا بنصه: الثعلبي في "تفسيره" 3/ 117 أ، والبغوي في "تفسيره" 2/ 104. ولم أقف على مصدر آخر له.
(¬3) انظر حول مكان الجنة روايات أخرى بنفس ما روي عن أنس بن مالك في: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح: 65 - 67.
(¬4) قوله في: "تفسير الطبري" 4/ 93، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 762.

الصفحة 594