ما بعد (إلّا) (¬1).
وقوله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا} يقال: (أصَرَّ (¬2) على الشيء): [إذا قام عليه] (¬3)، ودام. ومِن هذا يقال للعَزِيمَةِ (¬4) التي لا تُنْقَضُ: (صِرِّي) (¬5).
قال المفسرون (¬6): معناه: لم يُقِيموا، ولَمْ يَدُومُوا، [بل تابوا، وأَقَرُّوا] (¬7)، واستغفروا. والذي يُؤَكِّد هذا القول (¬8):
¬__________
(¬1) ونص قول الفراء -ليتضح المعنى-: (يقال ما قبل (إلّا) معرفة، وإنما يُرفَع ما بعد (إلّا) باتْباعِهِ ما قَبْلَهُ، إذا كان نكرة، ومعه جحد؛ كقولك: (ما عندي أحدٌ إلّا أبوك)، فإن معنى قوله: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}: ما يغفر الذنوب أحدٌ إلّا اللهُ، فجعل على المعنى).
وقال أبو حيان عن رفع اسم الجلالة: (فهو على البدل مِن {مَنْ}، أو مِن الضمير الفاعل في {يَغْفِرُ} العائد عليها، وجاز هذا؛ لأن في الكلام معنى نفي، وتقديره: لا يغفر أحدٌ الذنوبَ إلا اللهُ). "تذكرة النحاة": 296.
(¬2) في (ب): (صر).
(¬3) ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). والمثبت من (ب)، (ج).
(¬4) في (ج): (العزيمة).
(¬5) يقال: (هذا منِّي صِرِّي، وأصِرِّي، وصِرَّى، وأصِرَّى، وصُرِّي، وصُرَّى): أي: عزيمةٌ وجِدٌّ و (إنها مني لأصِرِّي)؛ أي: لحقيقة.
وهي مشتقة من: (أصررت على الشيء): إذا أقمت ودمت عليه. انظر: (صرر)
في: "إصلاح المنطق" 319، و"تهذيب اللغة" 2/ 2003، و"المجمل" 532، و"مفردات ألفاظ القرآن" 482، و"الفرق بين الحروف الخمسة" 386.
(¬6) ممن قال ذلك: مجاهد، وقتادة، وابن إسحاق، ومقاتل، والزجاج، والطبري، وأبو الليث. انظر: "تفسير مجاهد" 136، و"تفسير مقاتل" 1/ 302، و"الجزء الذي فيه تفسير القرآن" 78، و"تفسير الطبري" 4/ 97 - 98، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 766، و"معاني القرآن" للزجاج / 469، و"بحر العلوم" 1/ 300.
(¬7) ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). وفي (ب): (تابوا وأنابوا). والمثبت من (ج).
(¬8) حيث إن هناك أقوال أخرى منها:
لم يواقعوا الذنب إذا همُّوا به. قاله الحسن، ونُسب لمجاهد، وليس هو في تفسيره.
- وقيل: السكوت على المعصية، وترك الاستغفار منها. قاله السدي، وعطاء الخراساني.
انظر: "الجزء الذي فيه تفسير القرآن" 102، و"تفسير الطبري" 4/ 97، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 766، و"تفسير الثعلبي" 3/ 120ب، و"النكت والعيون" 1/ 424.