و (أَزَلَّ)، و (اسْتَزَلَّ)، بمعنى واحد. ذكرنا ذلك في قوله: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة: 36] (¬1).
وقال ابن قُتَيْبَة (¬2): {اسْتَزَلَّهُمُ}: طَلَبَ زَلَّتَهم؛ كما يقال: (استعجلته)؛ أي: طَلَبْتُ عَجَلَتَهُ، و (استعملته): طَلَبْتُ عَمَلَهُ.
وقول تعالى: {بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا} قال مقاتل (¬3): يعني: معصيتهم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وتركهم المَرْكَزَ.
وقيل: استزَلَّهم الشيطانُ بِتَذْكِيرِ خَطَايَا سَلَفَتْ لهم، فكرهوا أن يُقْتَلُوا قبلَ إخلاصِ التَّوْبَةِ. وهذا اختيار الزَّجَّاج؛ لأنه قال (¬4): لَمْ يَتَوَلَّوا على جهة المُعَانَدَةِ، ولا على الفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ؛ رَغْبَةً في الدنيا، وإنَّمَا ذَكَّرَهُم الشيطانُ خَطَايَا كانت لهم، فكرهوا لقاءَ اللهِ، إلا على حَالَةٍ يَرْضَوْنَهَا (¬5).
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}.
¬__________
= يقال: (كَسَبَ هو)؛ بمعنى: أصاب. ويقال: (كَسَبْتُ زيدًا مالًا)، و (أكْسَبْتُ زيدًا مالًا)؛ أي: أعنته على كَسْبِه، أو جعلته يَكْسِبُهُ. انظر: "اللسان" 7/ 3870 (كسب)، و"القاموس" 131 (كسب).
والزَّلَّة: الخطيئة. انظر: "تفسير الطبري" 4/ 145، و"القاموس" ص 1010 (زلل).
(¬1) انظر: "تفسير البسيط" عند تفسير هذه الآية
(¬2) في "تفسير غريب القرآن" له 107. نقله عنه بتصرف.
(¬3) في "تفسيره" 1/ 309.
(¬4) في "معاني القرآن" له 1/ 481. نقله عنه بتصرف يسير جدًّا. وانظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 500.
(¬5) قال أبو حسان عن قول الزّجاج -هذا-: (ولا يَظْهَرُ هذا القول، لأنهم كانوا قادرين على التوبة قبل القتال، وفي حالة القتال، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.). "البحر المحيط" 3/ 91.