{إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ} أي: ساروا وسافروا فيها. وكان (¬1) ينبغي في العَرَبِيَّةِ أنْ يُقَال: (وقالوا لإخوانهم إذْ (¬2) ضَرَبُوا في الأرض)؛ لأنه ماضٍ، كما تقول: (ضربتك إذْ قُمْتَ)، ولا تقول (¬3): (ضربتك إذا قُمْتَ). والذي في كتاب الله عَرَبِيٌّ حَسَنٌ، لأن القَوْلَ -وإن كان ماضيًا في اللفظ- فهو في معنى (¬4) الاستقبال؛ لأن (الذين) يُذْهَبُ بها إلى معنى الجزاء، وكذلك: (مَنْ)، و (ما). فإذا وقع الماضي صِلَةً لِمُبْهَمٍ مِنْ (مَنْ) و (ما) و (الذين)، جازَ أنْ يكون بمعنى الاستقبال (¬5).
فقوله (¬6): {كَالَّذِينَ كَفَرُوا}، في معنى: يَكْفُرُونَ، فدخلت (إذا) لِمَعْنى الاستقبال؛ والتقدير: (لا تكونوا كالذين يكفرون (¬7)، ويقولون لإخوانهم
¬__________
= عطية القولَ بأنها أخُوَّةُ النَسَبِ، قائلا: (لأن قَتْلَى أُحُد كانوا من الأنصار، أكثرهم من الخزرج، ولم يكن فيهم من المهاجرين إلا أربعة). "المحرر" 3/ 389.
(¬1) من قوله: (وكان ..) إلى نهاية بيت الشعر: (.. ما كان في غد): نقله -بتصرف- عن "معاني القرآن"، للفراء 1/ 243 - 244، وأضاف إليه -مُلَفِّقا- بعضًا مِن كلام ابن الأنباري الذي أورده الأزهري في "التهذيب" 1/ 137 (إذ). وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري 121.
(¬2) (أ)، (ب)، (ج): (إذا). وهي خطأ. والمثبت من "معاني القرآن". وهي الصواب.
(¬3) (ضربتك إذ قمت ولا تقول): ساقطة من (ج).
(¬4) في (ج): (بمعنى) بدلًا من: (في معنى).
(¬5) يقول ابن عطية: (ودخلت (إذا) في هذه الآية -وهي حرف استقبال-؛ من حيث (الذين) اسمٌ فيه إبهام، ويعمُّ مَنْ قال في الماضي ومَنْ يقول في المستقبل، ومن حيث هذه النازلة تتصور في مستقبل الزمان). المحرر 3/ 389.
(¬6) في (أ)، (ب): (بقوله). وساقطة من (ج). وليست في "معاني القرآن"، والمثبت هو ما اسْتَصْوَبْتُه.
ومن قوله: (بقوله ..) إلى (.. بمعنى الاستقبال): ساقط من (ج).
(¬7) في (ج): (كفروا).