كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

إذا ضربوا في الأرض (ومثله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: 25]؛ معناه: إنَّ الذين يكفرون. وكذلك قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا} [المائدة: 34]؛ معناه: يَتُوبُون. ومثله: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [مريم: 60]؛ معناه: إلّا مَن يَتُوب.
ومشهورٌ في كلامهم، أنْ يقول الرجلُ للرجلِ: (لا تضربْ إلّا الذي ضَرَبَكَ؛ إذا سَلَّمْتَ عليه). فيجيء بـ (إذا)؛ لأن (الذي) غير مُؤَقَّت، فلو وَقَّته، لَقَالَ: (اضربْ هذا الذي ضَرَبَكَ؛ إذْ (¬1) سَلَّمْتَ عليه). ولا يجوز: (إذا سَلَّمْتَ) -ههنا-؛ لأنَّ توقيت (الذي) أبْطَلَ أنْ يكونَ الماضي في معنى المستَقبَلِ. وتقول: (ما هَلَكَ امرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ)؛ لأن الفعل حديثٌ عن مَنْكُورٍ؛ يُراد به الجنس؛ كأنَّ المتكلمَ يريد: (ما يهلك كُلُّ امرئٍ إذا عرف قدره)، أو الرَّجُل وما أشبهها (¬2).
هذا مذهب الفراء (¬3)، وأنشد:
وإنِّي لآتِيكمْ تَشَكُّرُ ما مَضَى ... مِنَ الأمرِ واستيجابَ ماكان في غَدِ (¬4)
¬__________
(¬1) في (أ)، (ب): (إذا). والمثبت من (ج). وهو الصواب.
(¬2) في (ج): (أشبههما).
(¬3) في "معاني القرآن" له 1/ 244.
(¬4) البيت للطِّرِمّاح بن حكيم الطائي، وهو في: ذيل ديوانه 572، وورد منسوبًا له، في: "أمالي بن الشجري" 1/ 67، 2/ 53، 453، و"اللسان" 7/ 3962 (كون). وورد غير منسوب في: "معاني الفراء" 1/ 180، و"تفسير الطبري" 4/ 148، و"الخصائص" 3/ 331، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 398، و"المحرر الوجيز" 3/ 390.
وردت روايته عند ابن الشجري: (من الود)، و (من البر)، و (من الأمس) بدلًا من: (من الأمر). كما وردت روايته: (.. في الغد). وفي "اللسان" (واستنجاز ما كان =

الصفحة 105