كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

قال أبو عبيد: وتقول في الكلام: (لَئِن أحسنتَ إِليَّ؛ لأحْسِنَنَّ إليك) -بالنُّونِ-. فإذا حُلْت بينهما بالصفة (¬1)، قلت: (لَئِن أحسنتَ إليَّ، لإليكَ أُحْسِن) -بغير نُونِ-. كما في الآية-، لأن اللام قد تحولت إلى الصفة (¬2).

159 - قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ}.
أكثر النحويِّينَ على أنَّ (ما) -ههنا- صِلَةٌ (¬3)، لا تمنع الباءَ مِن عَمَلِها فيما عملت فيه، وهي مع كونها صلةً، تُحْدِثُ معنى التأكيد (¬4) وحُسْن النَّظْم. وهي كثيرةٌ في القرآن؛ كقوله: {عَمَّا قَلِيلٍ} [المؤمنون: 40]، و {جُندٌ مَّا} [ص: 11]، {فبَمَا نَقضِهِم} [النساء: 155]، {مِمَّا خَطَايَاهُمْ} (¬5) [نوح: 25].
¬__________
(¬1) (بالصفة): ساقطة من (ج). ويعني بـ (الصفة): حرف الجَرِّ.
(¬2) انظر: "الأصول في النحو" 2/ 166، و"البسيط في شرح جمل الزجاجي" 2/ 919.
(¬3) (صلة)؛ بمعنى زيادة.
(¬4) في (ب): (التوكيد).
(¬5) المؤلف -هنا- أوردها على قراءة أبي عمرو: {خَطَايَاهُم}. وقرأ الباقون: {خَطِيئَاتِهِمْ}. انظر: "الكشف" لمكي 2/ 337، و"إتحاف فضلاء البشر" (425). وممن ذهب إلى كون (ما) -هنا- (صِلَة):
الفراء في: "معاني القرآن" 114، والمبرد في "الكامل" 1/ 342، والطبري في "تفسيره" 4/ 150، وكراع النمل في "المنتخب" 2/ 687، والزجاج في "معاني القرآن" 1/ 482، وابن شقير في "المحلى ووجوه النصب" 290، وابن جني في "سر صناعة الإعراب" 1/ 261، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 136 أ، والسفاريني في "لباب الإعراب" 463.
قال الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 482: "ما" بإجماع النحويين -هنا- صِلَةٌ، لا تمنع الباء من عملها فيما عملت.

الصفحة 115