كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

وهذه القراءة اختيار ابن عباس، كان (¬1) يقرأ (يَغُلّ) بفتح الياء، فقيل له: إنَّ ابن مسعود يقرأ: {يُغَلّ}، فقال ابن عباس: قد كان النبي يُقتَل، فكيف (¬2) لا يُخَوَّنُ؟ (¬3).
والقراءة الثانية: {يُغَلّ} بضم الياء، وفتح الغين.
وهذه القراءة تحتملُ وجهين (¬4): أحدهما: أن يكون من (الغُلُول). والثاني: أن يكون من (الإغلال).
فإن جعلتها من (الغُلُول) احتملت معنيين: أحدهما: أن معنى قوله: {وَمَا كاَنَ لِنبيٍّ أَن يُغَلّ} (¬5)؛ أي: ليس لأحدٍ أن يَغُلَّهُ، فيأخذ مِنَ الغنيمة التي حازها (¬6) على طريق الخيانة، وإن كان لا يجوز أن يُغَلّ غيرُ النبيِّ، مِن إمام المسلمين وأميرٍ لهم (¬7).
وفائدة تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذِّكْر: أن الغُلُول يَعْظُمُ بحضرته، ويكبر كِبَرًا لا يكبر عند غيره؛ لأن المعاصي بحضرته أعظم.
المعنى (¬8) الثاني: أن تكون (أَنْ) مع الفعل، بمنزلة المصدر؛ كما
¬__________
(¬1) من هنا، وإلى: (.. لأن المعاصي بحضرته أعظم): نقله -بتصرف- عن "الحجة" للفارسي 3/ 96 - 97. وهو من تتمة النقل السابق.
(¬2) في (ج): (كيف).
(¬3) انظر هذا الأثر عن ابن عباس في: "تفسير الطبري" 4/ 155، وانظر قراءة ابن عباس في "تفسير سفيان الثوري" 81، و"المعجم الكبير" للطبراني 11/ 101 (11174).
(¬4) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 124، و"تفسير الثعلبي" 3/ 141 ب.
(¬5) (أ)، (ب): (يَغُلّ) -بفتح الياء، وضم الغين، والمثبت من (ج)، وهو الصواب.
(¬6) في (أ): (جازها). والمثبت من (ب)، (ج).
(¬7) في (ب): (وأميرهم).
(¬8) (المعنى): ساقط من (ب).

الصفحة 133