ومِن حُجَّةِ هذه القراءة: ما رُوي عن ابن عبّاس، من طريق الضّحاك، وما روي عن قتادة، في سبب نزول هذه الآية (¬1).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
أي: يأتي به حاملًا له على ظهره، كما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، خَطَبَ يومًا، فذَكَرَ الغُلُولَ، وعَظَّمَه، وعَظَّمَ أَمْرَهُ، فقال: "لا أُلْفِيَنَّ (¬2) أحدَكمْ يجيء على رقبته يوم القيامة بَعِيرٌ له رُغَاء (¬3)، يقول: يا رسولَ الله! أعِنِّي (¬4).
¬__________
= والقراءة الثانية: {يُكْذِبُونَكَ}، لنافع، والكسائي.
انظر:"السبعة" 257، و"الحجة" للفارسي 3/ 302، و"المبسوط" لابن مهران 618. أي: أن (كَذَّبه، وأكْذَبه)، بمعنًى واحد، وهو: نسبته إلى الكذب، وكذلك: (غَلَّ، وأغَلَّ) تتواردان على معنى واحد، وهو: النسبة إلى الغلول. انظر: "كتاب سيبويه" 4/ 58، و"الحجة" للفارسي 3/ 302. وحول رأي الفراء -هذا-، قال الأزهري: (وقال أبو العباس: جَعَلَ (يَغُل)، بمعنى: (يُغَلَّل)، وكلام العرب على غير ذلك في (فعَّلت)، و (أفْعَلْت). و (أفعلته): أدخلت ذاك فيه، و (فعَّلتُ): كثرت ذاك فيه). "التهذيب" 3/ 2688. وانظر: "الحجة" للفارسي 302 - 304.
(¬1) انظر ما سبق ص 128 - 129.
(¬2) في (ج): (لألفين). وهذه توافق رواية الإمام أحمد في "المسند": (لألفِيَنَّ يجيء أحدكم يوم القيامة ..) وسيأتي تخريجه.
وفي بعض الروايات: (لا ألفِينَّ ..) انظر: "فتح الباري" 6/ 186. ألفى الشيء: وجده. يقال: (ألْفَيْتُ الشيء، أُلْفِيهِ، إِلفاءً): إذا وجدته وصادفته ولقيته. انظر: "اللسان": 7/ 4056 (لفا).
(¬3) الرُّغاء: صوت البعير. قال: (رَغَا البعيرُ، والضَّبُعُ، والنَّعامُ، رُغاءً): صوَّتَت فَضَجَّت. انظر: "القاموس" (1289) (رغا).
(¬4) في مصادر الحديث التالية: أغثني.