كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬1)، كأنَ أرواحَهُم أُحْضرَت (¬2) دارَ السَّلام [أحياءً، و] (¬3) أرواحَ غيرهم لا يَشهَدها (¬4). وهذا قولٌ حَسَنٌ.
وقال ابنُ الأنباري (¬5): سُمَّي شهيدا، لأن الله وملائكته شُهُودٌ له. فهو (فَعِيل)، بمعنى: (مَفْعُول له).
وقال قومٌ (¬6): سُمُّوا شُهَداء؛ لأنهم يُسْتَشْهَدُونَ يومَ البَعثِ (¬7)، مع الأنبياء والصِّدِّيقِينَ على الأمم؛ كما ذَكَرَهُ اللهُ تعالى في قوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143].
قالَ أبو منصور (¬8): والشهادة -يومئذ- تكون للأفضل (¬9) فالأفضل مِنَ الأُمَّةِ. فأفضلهم مَن قُتِلَ في سبيل الله؛ أَبَانَهم اللهُ من غيرهم -بالفضل الذي يميَّزوا به- مِن جَمَاعَةِ المؤمنين. (¬10) وبَيَّن أنَّهم {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [آل عمران: 169]، الآية. ثم يتلوهم في الفضل مَنْ عَدَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ
¬__________
(¬1) سورة آل عمران 169. وبقيتها: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.
(¬2) في (ج): (حضرت).
(¬3) ما بين المعقوفين زيادة لازمة من: "تهذيب اللغة".
(¬4) وفي "التهذيب": وأرواح غيرهم أخِّرَتْ إلى يوم البَعْث.
(¬5) قوله، في: المصدر السابق. نقله عنه بمعناه.
(¬6) أورد هذا القول الأزهريُّ في المصدر السابق، ولم ينسبه لقائل.
(¬7) في (ب): (بالبعث). بدلًا من: (يوم البعث).
(¬8) هو الأزهري، وقوله في: "تهذيب اللغة" 2/ 1943. نقله عنه بتصرف واختصار.
(¬9) في (أ)، (ب): الأفضل. والمثبت من (ج)، و"تهذيب اللغة".
(¬10) وعبارة "التهذيب": ميّزت هذه الطبقة عن الأمة بالفضل الذيَ حازوه.- بدلًا من عبارة المؤلف: (أبانهم .. المؤمنين).

الصفحة 15