قال الفراء (¬1): ومعنى (الصرف): أن يجتمع فِعْلان ببعض حروف النَّسَقِ (¬2)، وفي أوَّلِهِ ما لا يَحْسُنُ إعادَتُه في حروف النَّسَقِ (¬3)، فتنصب الذي بعد حرف العطف، لأنه مَصرُوفٌ عن معنى الأول. وذلك يكون مع جْحدٍ أو استفهامٍ أو نَهْيٍ في أول الكلام. كقولهم: (لا يَسَعُنِي مكانٌ، ويَضِيقَ عنك) بفتح (ويضيقَ)، لأن (لا) التي مع (يَسَعُنِي)، لا يَحْسُن أن يذكرها مع (يضيقَ عنك) (¬4).
وقال ابن الأنباري (¬5): قوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} معناه:
¬__________
= شرح جمل الزجاجي" 1/ 232، و"المغني" لابن هشام 472، و"شرح شذور الذهب" 296، 360، و"شرح ابن عقيل" 4/ 15، و"خزانة الأدب" 8/ 564 وقد ذكر البيت، والاختلاف في قائله.
والشاهد في البيت: نصب الفعل المضارع (وتأتي) بعد الواو في جواب النهي. وهي الواو التي يسميها الكوفيون: واو الصرف. أما عند البصريين: فالنصب بـ (أن) المضمرة وجوبًا، بعد واو المعية التي تقتضي الجمع.
انظر: "شرح ابن عقيل" 4/ 14 والمصادر النحوية السابقة.
(¬1) في "معاني القرآن" له 1/ 235. نقله عنه بالمعنى. وعبارة المؤلف قريبة جدًا من عبارة الطبري في "تفسيره" 7/ 247، وقد يكون المؤلف نقل قول الفراء عن الطبري. وعبارة الفراء في المعاني أوضح وأجلى.
(¬2) في المعاني: بالواو، أو (ثُمَّ)، أو الفاء، أو (أو).
(¬3) في المعاني: (وفي أوله جحد، أو استفهام، ثم ترى ذلك الجحد، أو الاستفهام، ممتنعًا أن يُكَرَّر في العطف، فذلك الصرف ..).
(¬4) انظر -لبيان معنى الصرف-: "تفسير البسيط" فقد تناول هذه المسألة عند تفسير آية 42 من سورة البقرة، و"معاني القرآن"، للفراء: 1/ 33 - 34، و"تفسير الطبري" 1/ 255، 4/ 108، و"الإنصاف" 555 - 556.
(¬5) لم أقف على مصدر قوله.