كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

قال أحمد بن يحيى (¬1): ينبغي أن يُفتَحَ [الرَّاءُ] (¬2) على قول الأخفش، فيقال: (رَبِّي) (¬3)؛ لِيَكونَ منسوبًا إلى الرَّبِّ.
فقال مَنْ نَصَرَ الأخفشَ (¬4): العرب تنسب الشيءَ إلى الشيء، فتغيِّر حَرَكَتَهُ؛ كما قالوا: (بِصْرِي)، في النسبة إلى البَصْرَةِ.
وقوله تعالى: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا} جَمَعَ بين الوَهْنِ والضَّعْفِ؛ لأن (الوَهْنَ): انكسارُ الحَدِّ بالخوف (¬5).
و (الضَّعْفُ): نُقْصانِ القوة. أي: لم يَهِنْوا بالخوف، ولا ضَعُفُوا بنُقْصان القُوَّة. هذا معنى قول أبي إسحاق (¬6): ما جَبُنُوا عن قِتَال عَدُوِّهم،
¬__________
(¬1) قوله، في: "تهذيب اللغة" 2/ 1336 (ربّ)، و"اللسان" 3/ 1548 - 1549 (ربب).
(¬2) ما بين المعقوفين في (أ)، (ب)، (ج): (إلّا). وهي تخل بالمعنى، وأراها تصحيفًا من النساخ. والمثبت من: المصادر السابقة.
(¬3) في (أ): رِبِّي -بكسر الراء-. وفي (ب)، (ج): مهمل من النقط. وما أثبَتُّهُ -بفتح الراء- هو الصواب.
(¬4) هو الثعلبي، في: "تفسيره" 3/ 129 ب.
(¬5) في (ج): (بالحذف).
لم أرَ في مصادر اللغة والتفسير التي رجعت إليها، مَن فسَّر (الوَهْن) بهذا المعنى الدقيق، وإنما فَسَّروه جميعًا بـ (الضَّعْف)، وجعلوهما مترادفين، وهما من عطف الشيء على نفسه. ومنهم من قال بأنه الضعف في الخَلْق والخُلُق، ومنهم من فَسَّره بالضعف في العمل والأمر.
انظر: "غريب القرآن"، لابن اليزيدي 44، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 106، و"غريب الحديث" للحربي 1056، وانظر مادة (وهن) في: "تهذيب اللغة" 4/ 3966، و"الصحاح" 2215، و"المقاييس" 6/ 149، و"اللسان" 8/ 4935، و"تخليص الشواهد" لابن هشام 452، و"عمدة الحفاظ" 645.
(¬6) في "معاني القرآن" له 1/ 476.

الصفحة 56