كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

وهذا الذي قاله أبو بكر معنى صحيح عليه كثير من المفسرين (¬1)، وأذكر من أقوالهم ما وافق هذا المعنى.
قال ابن عباس: هذا في الأخبار، إذا غزت السرية من المسلمين أخبروا الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا، فأفشوه بينهم (¬2).
وقال (السدي) (¬3): نزل هذا في أصحاب الأخبار والأراجيف كانوا إذا سمعوا من النبي خبرًا أفشوه حتى يبلغ العدو فيأخذ حذره، وكذلك كانوا يصنعون إذا كانوا غزاةً في السرايا (¬4).
وقال الكلبي: {وَإِذَا جَاءَهُمْ} يعني المناِفقين {أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ} حديث فيه أمن {أَوِ الْخَوْفِ} يعني الهزيمة {أَذَاعُوا بِهِ} أفشوه، ولو سكتوا عنه حتى يكون الرسول هو الذي يُفشيه، أو أولو الأمر مثل أبي بكر وعمر وعلي، ويقال أمراء السرايا {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ} يتبعونه، ويقال: يطلبون علم ذلك (¬5).
قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سرية فغلبت أو غُلبت تحدثوا بذلك وأفشوه، ولم يقفوا في ذلك حتى يكون رسول الله يخبرهم، فأنزل
¬__________
(¬1) انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 279، والطبري 5/ 182، "معاني الزجاج" 2/ 83، "بحر العلوم" 1/ 371، "الكشف والبيان" 4/ 93 أ، "زاد المسير" 2/ 145.
(¬2) أخرجه بمعناه من طريق العوفي ومن طريق ابن جريج الطبري 5/ 182 - 183، وانظر: "زاد المسير" 2/ 145، "الدر المنثور" 2/ 333 - 334.
(¬3) الكلمة بين القوسين غير واضحة تمامًا في المخطوط، وما أثبته محتمل.
(¬4) أخرجه بمعناه الطبري 5/ 182 - 183، وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" 2/ 333 - 334.
(¬5) بنحوه في "بحر العلوم" 1/ 371، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 91.

الصفحة 633