كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

وفي أولي الأمر قولان ذكرتهما (¬1) في حكايته قول الكلبي، أحدهما اختيار الزجاج؛ لأنه قال: إلى ذوي العلم والرأي منهم (¬2).
والثاني اختيار الفراء؛ لأنه قال: لو ردوه إلى أمراء السرايا (¬3).
وقوله تعالى: {مِنْهُمْ} يعني من هؤلاء المرجفين. وجعل أمراء السرايا وذوي العلم منهم من حيث الظاهر. وقد مضى مثل هذا في آيتين، وذكرنا الكلام هناك، إحدى الآيتين قوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} [النساء:72] والثانية قوله معنى (¬4) {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء:66].
وقوله تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
معنى الاستنباط في اللغة الاستخراج، يقال: استنبط الفقيه، إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه. وأصله من النبط وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما يُحفر. يقال من ذلك: أنبط في غضراء (¬5) أي استنبط الماء في طين حر.
قال: والنبط (¬6) إنما سموا نبطًا لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين. هذا كلام الزجاج (¬7).
¬__________
(¬1) كأن هذِه الكلمة في المخطوط: "ذكرهما".
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 83.
(¬3) "معاني القرآن" 1/ 279.
(¬4) لعل الصواب: "تعالى".
(¬5) الغضراء: "طينة خضراء علكة" "الصحاح" 2/ 770 (غضر).
(¬6) "النبط والنبيط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقين، والجمع أنباط". "الصحاح" 3/ 1162 (نبط).
(¬7) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 83، وانظر: الطبري 5/ 182 - 183، و"إعراب القرآن" للنحاس 1/ 438، و"تهذيب اللغة" 4/ 3497، و"الصحاح" 3/ 1162 (نبط) و"زاد المسير" 2/ 147، و"اللسان" 7/ 4325 (نبط).

الصفحة 636