كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

بالقرآن {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1)
واختلفوا في وجه هذا الاستنباط:
فقال ابن عباس في رواية الوالبي عنه: تَمَّ الكلام عند قوله {لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} ثم استثنى القليل. قوله: {أَذَاعُوا} أي أذاعوا به إلا قليلًا، يعني بالقليل المؤمنين (¬2). وهذا قول ابن زيد (¬3) والكسائي (¬4) والفراء (¬5).
وقال الحسن وقتادة: الاستثناء من قوله {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ} {إِلَّا قَلِيلًا} أجود (¬6)؛ لأن ما علم بالاستنباط فليس الأكثر يعرفه، وإنما يستنبط القليل؛ لأن الفضائل والاستخراج في القليل من الناس (¬7).
قال الزجاج: وهذا في هذا الموضع غلط من النحويين؛ لأن هذا الاستنباط ليس من شيء (¬8) يُستخرج بنظر وتفكر، وإنما هو استنباط خبر، فالأكثر يعرف الخبر إذا أخبر به، وإنما القليل ههنا المبالغ في البلادة، الذي لا يعلم ما يُخبر به. فاستثناء القليل من قوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ}
¬__________
(¬1) انظر: "معالم التنزيل" 2/ 255، و"زاد المسير" 2/ 148.
(¬2) بنحوه في تفسير ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة وهو المراد بقول المؤلف: الوالبي. وأخرجه الطبري 5/ 183، وابن المنذر وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" 2/ 334.
(¬3) أخرجه الطبري 5/ 183، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 334.
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للنحاس 2/ 142.
(¬5) في "معاني القرآن" 1/ 279. وهذا القول اختيار الطبري، انظر: "تفسير الطبري" 5/ 183، و"زاد المسير" 2/ 148.
(¬6) أخرجه بمعناه عن قتادة الطبري 5/ 183، وابن المنذر وابن أبي حاتم، انظر: "الدر المنثور" 2/ 334.
وذكره عنهما الماوردي 1/ 511، وابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 148.
(¬7) هذا التعليل للنحويين، انظر: "معاني الزجاج" 2/ 84.
(¬8) في "معاني الزجاج" 2/ 84: "ليس بشيء" والصواب ما في المعاني، ويحتمل حصول تصحف هنا.

الصفحة 639