كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

أصابهم ما أصابهم بِأُحُد، قال ناسٌ مِن أصحابه: مِنْ أين أصابَنَا هذا، وقد وَعَدَنا اللهُ النصرَ؟ [فأنزل اللهُ] (¬1): {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ}؟.
وقال بعضهم: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، رَأَى في المنام أنَّه (¬2) يذبح كَبْشًا، فصدَق رُؤياهُ بقتل (¬3) طَلْحَةَ بن عثمان (¬4)، صاحبِ لِوَاءِ المشركين، يوم أُحُد، وقَتْلِ تِسْعَة نَفَرٍ بعده على اللواء (¬5)، فذلك قوله: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ}؛ يريد: تصديق رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والصِّدق يتعدى إلى مفعولين؛ تقول: صَدَقْتُهُ الوَعْدَ، والوَعِيدَ (¬6).
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، والمثبت من: (ب)، (ج)، و"تفسير الثعلبي".
(¬2) (أ)، (ب)، (ج): (أن). وما أثبَتُه هو ما استصوبته.
(¬3) في (ب): (فقتل).
(¬4) انظر: "تفسير الطبري" 4/ 125 - 126.
وعند الواقدي: هو طلحة بن أبي طلحة، وأبو طلحة هو: عبد الله بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قُصَي. انظر: "المغازي" 1/ 220.
والذي ورد في كتب السِّيَر عن رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه رأى في منامه كأنه في دِرْعٍ حَصِينة، ورأى كأن سيفه ذا الفقار انفصم من عند ظُبَتِه، ورأى بقرا تُذبح، ورأى كأنه مردفٌ كَبْشًا. فأولَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الدرعَ الحصينة بالمدينة، وأما انفصام سيفه من عند ظُبَته: فمصيبة في نفسه؛ بأن يُقتل رجلٌ من أهل بيته، وأما البقر المذبوح: فقتلى في أصحابه، وأما أنه مُرْدف كَبشا: فكبش كتيبة العدو الذي سيقتلونه، أي: حامل لواء المشركين. وفي رواية عن الواقدي: (ورأيت في سيفي فَلًّا فكرهته)، فهو الذي أصاب وجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم -.
انظر: "المغازي" 1/ 209، و"سيرة ابن هشام" 3/ 66 - 67، و"طبقات ابن سعد" 2/ 37 - 38، و"تاريخ الطبري" 2/ 502، و"إمتاع الأسماع" للمقريزي 1/ 116.
(¬5) انظر: "المغازي" 1/ 226 - 228، و"الطبقات الكبرى" 2/ 40 - 41، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 787.
(¬6) وقد يتعدى للثاني بالحرف، تقول: (صَدَقتك في القول).

الصفحة 69