على حذف الجواب، والتقدير عندهم: (حتى إذا فَشِلْتُمْ، وتَنَازَعْتُم في الأمر، وعَصَيْتُم، امْتُحِنْتُمْ (¬1)؛ بأن نِيلَ منكم، وعُوقِبْتُم بِظَفَرِ أعدائكم بكم)، فحذف الجواب؛ لبيان (¬2) معناه؛ كما حذف في قوله -عز وجل-: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 35]؛ معناه: فافْعَلْ. فأسقط الجواب؛ إذْ أُمِنَ (¬3) اللَّبْسُ (¬4).
والآية -عند الفراء- على التقديم والتأخير؛ لأنه يذهب إلى أن الفَشَلَ مُؤَخَّرٌ بعد التَّنازُع؛ والمعنى عنده: (حتى إذا تنازعتم في الأمر وعَصَيْتُم؛ فَشِلتم). فقدم المؤخر وأخر المقدم؛ كقوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (¬5).
وغيره يقول: الفَشَل في موضعه، غَيْرُ مَنْوِيٍّ به التأخير. والتنازع والعصيان كانا بعد الفَشَلِ (¬6).
والتنازع (¬7): الاختلاف. وأصله مِنْ: (نَزَعَ القومُ الشيءَ، بعضُهُم مِن
¬__________
(¬1) في (أ): (امتَحَنْتم) -بالبناء للمعلوم-. وفي: (ب)، (ج): مهملة من الشكل. والصواب ما أثبتُّه.
(¬2) (لبيان): ساقطة من (ج).
(¬3) (أ)، (ب): (أمَرَّ). والمثبت من (ج).
(¬4) وقد بينَّا مذهبي البصريين، والكوفيين في زيادة الواو من عدمه، مع ذكر طرف من أدلة الفريقين على ذلك. انظر التعليق على تفسير قوله تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} آية: 50 من سورة آل عمران. والتعليق على زيادة الواو في قوله تعالى: {وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} آية: 49، والتعليق على زيادة (إذ) في قوله: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} آية: 35.
(¬5) سورة آل عمران: 55.
(¬6) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 478، و"تفسير الطبري" 4/ 128 - 129.
(¬7) من قوله: (والتنازع ..) إلى (.. من بعض): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" 3/ 131 ب.