{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} يعني: الذين ثَبَتُوا مَعَ عبد الله بن جُبَيْر -وهو أمير الرُّمَاةِ (¬1) - حتى قُتِلُوا.
وقوله تعالى: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} [أي] (¬2): بالهزيمة؛ على معنى: صَرَفَ وجوهَكُم عنهم (¬3).
وقال عَطَاء (¬4): يريد: صرف حدكم (¬5) عنهم. وهذا صريح في أن [المعصيةَ مَخْلُوقَةٌ لله] (¬6) عز وجل؛ حيث أضاف انهزامهم وتَوَلِّيهم إلى نفسه؛ فقال: {صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ}، ولم يقل: (انْصَرَفْتُمْ) (¬7).
وقوله تعالى: {لِيَبْتَلِيَكُمْ}. أي: لِيَخْتَبِرَكُمْ بِمَا جَعَلَ عليكم مِنَ الدَّبْرَةِ والهزيمةِ، فَيَتَبَيَّنَ الصابرُ (¬8) مِنَ الجازع، والمُخْلِصُ مِنَ المنافق (¬9).
¬__________
(¬1) وهو أمير الرماة: ليس في "تفسير الثعلبي". وفي (ب): (الرملة). انظر: "تفسير الطبري" 4/ 129 - 130، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 789، و"المستدرك" 2/ 296 كتاب التفسير. سورة آل عمران.
وعبد الله بن جُبَيْر بن النعمان الأوسي الأنصاري. شهد العقبة وبدرًا، واستشهد يوم أحد -رضي الله عنه- انظر: "الاستيعاب" 3/ 14، و"أسد الغابة" 3/ 194.
(¬2) ما بين المعقوفين في (أ): (إلى). والمثبت من: (ب)، (ج)، و"تفسير الثعلبي".
(¬3) في (ج): (وههم).
(¬4) لم أقف على مصدر قوله.
(¬5) هكذا في: (أ)، (ب)، (ج).
ومعناها -والله أعلم-: صرف بأسكم وقوتكم عنهم، لأن (حَدّ الرَّجُلِ): بأسه ونفاذُهُ. في نجدته. يقال: (إنه لذو حَدٍّ). انظر: "اللسان" 2/ 801 (حدد).
(¬6) ما بين المعقوفين مطموس في (أ). والمثبت من (ب)، (ج).
(¬7) انظر تأويل المعتزلة لها في: "تنزيه القرآن عن المطاعن" 82.
(¬8) (أ)، (ب): (الصابرين). والمثبت من (ج).
(¬9) في (ب): (الشاك).