كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

المشركين بكم. {بِغَمٍّ}، يعني: بِغَمِّكمْ رَسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذْ عَصَيْتموهُ وَضَيَّعتم أمرَهُ. فالغَمُّ الأوّل لهم، والغَمُّ الثاني للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا القول، اختيار الزجاج (¬1).
وقال الحسن (¬2): غَمّ يومِ أحُد للمسلمين، بغَمِّ يومِ بَدْرٍ للمشركين (¬3).
وقيل: الغَمُّ الأَوَّل: ما أصابهم مِنَ الهزيمة والقتل. والغَم الثاني: إشْرافُ خالد بن الوَلِيد عليهم، في خَيْلِهِ، فَرَعَبَهم ذلك، وزَادَ مِنْ قَلَقِهم. وهذا قول أكثر المفسرين (¬4)، واختيار الفراء (¬5).
وقيل: الغَمّ الأوَّل: ما أصابهم مِنَ القتل والجرح. والغَمّ الثاني: ما سَمِعوا أنَّ مُحَمَّدًا قد قُتِلَ. وهذا قول: قَتَادة (¬6)، والرَّبِيع (¬7)، وابنِ عبَّاس -في رواية عطاء- (¬8) فإنَّه قال في قوله: {غَمَّا بِغَمٍّ}؛ يريد: الهزيمة، وحيث قال ابنُ قَمِيئَةُ (¬9): قد قتلتُ محمدا.
¬__________
(¬1) في "معانى القرآن" له 1/ 479.
(¬2) قوله في: "تفسير الثعلبي" 3/ 133 أ، و"النكت والعيون" 1/ 430، و"زاد المسير" 1/ 479، و"تفسير القرطبي" 4/ 240.
(¬3) وأخرج عنه ابن أبي حاتم قولَه في تفسيرها: (قال غَمَّا -والله- شديد، على غَمٍّ شديد، ما منهم إنسان إلا وقد همته نفسه). "تفسيره" 3/ 791.
(¬4) ممن قال ذلك: ابن عباس. انظر: "زاد المسير" 1/ 478، ومقاتل. انظر: "تفسيره" 1/ 307. ولم أقف على غيرهما قال به.
(¬5) في "معاني القرآن" له 1/ 240.
(¬6) قوله في: "تفسير الطبري" 4/ 135، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 791، و"زاد المسير" 1/ 478، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 154، وزاد نسبة إخراجه لابن المنذر.
(¬7) قوله في: "تفسير الطبري" 4/ 135.
(¬8) لم أقف على مصدر هذه الرواية عنه.
(¬9) في (ج): (قتيبة). =

الصفحة 84