كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

وأمَانًا). والنعاس: بَدَلٌ مِنَ (الأمَنَة) (¬1).
وقوله تعالى: {يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} قُرِئ بالياء والتَّاءِ (¬2). فَمَن قرأ بالياء؛ فلأن النُّعَاسَ هو الغاشي، والعرب تقول: (غَشِيَنِي النُّعاسُ)، وقلّما تقول: (غَشِيَني الأمْنُ).
و-أيضًا- فإنَّ النعاسَ مذكورٌ بالغِشْيَانِ في قوله: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} [الأنفال: 11] ولأن النعاسَ يَلِي الفِعْلَ، وهو أقرب في اللفظ إلى ذِكْرِ الغِشْيانِ مِنَ الأمَنَة. فالتذكير أولى.
ومن قرأ بالتَّاءِ: جعل الأمَنَةَ هي الغاشِيَةَ.
والأَمَنَةُ والنُّعاسُ، أحدهما بَدَلٌ عن الثاني، فيجوز وَيحْسُن رَدُّ الكِنَايَةِ (¬3) إلى أيِّهما شئت؛ كقوله: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي} [الدخان:43 - 45]، وَ {وتَغْلِي} (¬4).
¬__________
= انظر (أمن) في: "الصحاح" 5/ 2071، و"اللسان" 1/ 140، و"التاج" 18/ 23 وما بعدها.
(¬1) وهو بدل اشتمال، ويكون بدلًا في حالة إعراب {أَمَنَةً} مفعولًا به لـ {أَنزَلَ}. وقيل: هو عطف بيان، ويجوز أن يكون {نُّعَاسًا} مفعولًا، و {أَمَنَةً} حال منه. وقيل غير ذلك.
انظر: "معاني القرآن"، للزجاج 1/ 478، و"البيان" للأنباري 1/ 226، و"التبيان" للعكبري (215)، و"الدر المصون" 3/ 444، و"فتح القدير" 1/ 589.
(¬2) قرأ ابنُ كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر {يَغْشَى} -بالياء-. وقرأ حمزة، والكسائي {وَتَغشَى} بالتاء.
انظر: "القراءات" للأزهري 1/ 128، و"الحجة" 88، و"الكشف" 1/ 360.
(¬3) الكناية: الضمير.
(¬4) قرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم: {يَغْلِي}. وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، ونافع، وحمزة، والكسائي، وعاصم -في رواية أبي بكر-: {تَغْلِي}.=

الصفحة 90