قال أبو علي (¬1): إنما فَعَلَ ذلك من حيث كانت (إذْ) منتصبةَ المَوْضعِ في الحال (¬2)، وأنَّ ما بعد (إذْ) لا يكون إلّا جملةً، كما أنّ ما بعد واو الحال لا يكون إلّا جملةً مرَكَّبَةً مِن مبتدأ وخَبَر، كقولك: (مَرَرْتُ بزَيْد، وعمرٌو قائمٌ) (¬3).
وقوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} أي: يظنون أنَّ أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مضمَحِلٌّ، وأنّه لا يُنْصر (¬4).
وقوله تعالى: {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}. الجاهلية: زَمَان الفَتْرَةِ، قبل الإسلام (¬5). والمعنى: إنهم على جاهليتهم في ظنهم هذا. وتقدير الكلام: يَظنُّونَ ظَنَّ أهلِ الجاهلية (¬6).
وقوله تعالى: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} أي: ما لنا. استفهام يتضمن الجَحْدَ.
قال الحَسَنُ (¬7): يقولون: أُخْرِجْنَا كَرْهًا، ولو كان الأمرُ إلينا ما
¬__________
(¬1) قول أبي الفارسي -هنا- من تتمة كلام ابن جني في: المصدر السابق: 2/ 645 نقله المؤلف عنه بمعناه
وانظر رأي أبي علي الفارسي حول هذه المسألة في كتابيه: "المسائل المشكلة" 593، و"المسائل الحلبيات" 151.
(¬2) عبارة أبي علي -كما نقلها ابن جني-، هي: (.. من حيث كانت (إذ) منتصبة الموضع بما قبلها، أو بعدها، كما أن (أو) منتصبة الموضع في الحال ..).
(¬3) في (ب): (قائما).
(¬4) انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 479، و"زاد المسير" 1/ 481.
(¬5) قال النووي: (سموا بذلك؛ لكثرة جهالاتهم). "صحيح مسلم بشرح النووي" 3/ 87، وانظر: "المزهر" للسيوطي 2/ 202.
(¬6) انظر: "تفسير الطبري" 4/ 142، و"معاني القرآن"، للزجاج 1/ 431.
(¬7) قوله، في: "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 795، و"النكت والعيون" 2/ 909، و"زاد المسير" 1/ 481.