كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 6)

وقوله تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} قد ذكرنا للتَّمْحِيصِ ثلاث مَعَانٍ، عند قوله -تعالى-: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 141]: التَّطْهِير، والكَشْف، والابْتِلاء. وهذ كلها مُحْتَمَلَةٌ في هذه الآية.
قال قتادة (¬1) - في قوله: {وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ}، أي: يُظْهِرها (¬2) مِنَ الشَّكِّ والارْتِيَاب؛ بما يُرِيكم من عجائب صُنعه في إلقاء الأَمَنَةِ، وصَرْفِ العدُوِّ، وإعلانِ سَرَائِرِ المنافقين. وهذا (¬3) التمحيص خاصٌّ للمؤمنين؛ فابن عباس قال (¬4): يريد: يُمَحِّص قلوب أوليائه من الخطأ.
وقال الكَلْبِيُّ (¬5): {وَلِيُمَحِّصَ}: يُبَيِّن ما في قلوبكم. يعني: أن المؤمن يُظْهِر الرِّضَا بِقَدَرِ الله، والمنافق يُظْهر مثلَ ما أظهرَ مُعَتِّب بن قُشَيْر وأصحابُه. فَعَلَ اللهُ ما فَعَلَ يومَ أُحُد؛ لِيُبَيِّنَ ما في قلوب الفريقين.
ويَحْتَمِلُ التَّمْحِيصُ -ههنا- معنى الابتلاء، غير أن القولين الأَوَّلَيْن أجودُ؛ لِزِيَادَةِ الفائدة؛ فإنَّ الابتلاءَ قد ذُكِرَ في قوله: {وَلِيَبْتَلىَ اللَّهُ}.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (ذاتُ الصدور)، تحتمل معنيين: أحدهما: أن (ذات الصدور) هي: الصدور؛ لأن ذاتَ الشيء
¬__________
= ولوامع الأنوار" للسفاريني 1/ 221 - 223، و"روح المعاني" 25/ 91، و"أضواء البيان" 7/ 256، و"العقائد السلفية" لأحمد بن حجر 1/ 86
(¬1) لم أقف على مصدر قوله. وقد أورده ابن الجوزي في: "الزاد" 1/ 482.
(¬2) في (ب)، (ج): (يطهرها) بالطاء.
انظر:"بحر العلوم" 1/ 309، و"تفسير الثعلبي" 3/ 134 ب، و"تفسير البغوي" 2/ 122، و"زاد المسير" 1/ 482.
(¬3) من قوله: (وهذا ..) إلى (.. يمحص قلوب): ساقط من (ج).
(¬4) لم أقف على مصدر قوله.
(¬5) لم أقف على مصدر قوله.

الصفحة 99