كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

واعتمد في ذلك على ما رواه أبو الدرداء (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له، وقال له الملك: ولك مثل ذلك" (¬2) فذلك النصيب، {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً} هي الدعوة عليه بضد ذلك.
ويؤكد هذا التفسير ما روي عن بعضهم أنه قال: كانت اليهود تدعو على المسلمين، فتوعدهم الله تعالى بهذه الآية (¬3).
وقال الحسن ومجاهد والكلبي وابن زيد: هذه الشفاعة بين الناس بعضهم لبعض (¬4).
قال الكلبي: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً} يصلح بين اثنين يكن له أجرٌ منها {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً} يمشي بالنميمة وبالغيبة يكن له إثمٌ فيها (¬5).
¬__________
(¬1) هو الصحابي الجليل عويمر بن عامر (وقيل: ابن مالك أو ثعلبة أو عبد الله أو زيد) ابن قيس بن أمية الأنصاري الخزرجي، شهد أحدًا وما بعدها، وآخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سلمان الفارسي. توفي سنة 32 هـ أو 33 هـ انظر: "الاستيعاب" 3/ 298، و"أسد الغابة" 4/ 318، و"سير أعلام النبلاء" 2/ 235، و"الإصابة" 3/ 45.
(¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء رقم (2732)، باب: فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب.
(¬3) انظر: "النكت والعيون" 1/ 510، و"زاد المسير" 2/ 150، و"التفسير الكبير" 10/ 207.
(¬4) أخرج الأثر عن الحسن، ومجاهد، وابن زيد، الطبري 5/ 186. وأخرجه أيضاً عن الحسن، ومجاهد، ابن المنذر، وابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" 2/ 335، وهو في "تفسير مجاهد" 1/ 167.
أما الكلبي فيرى أن المراد بالشفاعة: الإصلاح بين اثنين. كما سيأتي عند المؤلف.
(¬5) "بحر العلوم" 1/ 372، و"زاد المسير" 2/ 150، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 91.

الصفحة 10