كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وقال أبو زيد: هو التحنت (¬1).
وقال أبو إسحاق: معناه أن الله عز وجل خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها، فحرموها على أنفسهم، كالبحائر والسوائب والوصائب، وخلق الشمس والقمر سخرةً للناس ينتفعون بها، فعبدها المشركون، فغيروا خلق الله (¬2).
والأظهر هو القول الأول، لأنه يدخل فيه كل ما نهى الله عنه، وكل من ارتكب محظورًا، أو أتى منهيًّا، فقد غير دين الله (¬3).
قال العلماء من أهل التأويل: إن إضلال إبليس تمنية وتزيين ووسواس، ليس له من الضلالة شيء (¬4)، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خلق إبليس مزينًا, وليس إليه من الضلالة شيء" (¬5).
ولما علم أن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلًا، وخلق النار وخلق لها أهلًا قال: {لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 118] يريد أهل النار (¬6)، وقال: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ} الآية، ولو كان شيء من الضلالة إليه سوى الدعاء إليها لأضل جميع الخلق عن الهدى (¬7).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ} يريد من يُطعه فيما يدعو إليه من الضلال، فكل من أطاعه فهو ولي له وإن لم يقصد
¬__________
(¬1) انظر: "البحر المحيط" 3/ 353. وهكذا هذِه الكلمة جاءت في المخطوط، وعند أبي حيان، ولم أجد لها معنى، وقد يكون الصواب: "التخنث".
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 110، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 122 ب.
(¬3) وهذا ما اختاره الطبري 5/ 285، والزجاج في "معانيه" 2/ 110.
(¬4) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 123 أ، و"زاد المسير" 2/ 204.
(¬5) لم أقف عليه.
(¬6) انظر. "الكشف البيان" 4/ 123 أ، و"زاد المسير" 2/ 207.
(¬7) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 123 أ.

الصفحة 104