ونحو هذا قال الزجاج، (...) (¬1) والمحب الذي ليس في محبته خلل، فجائز أن يكون إبراهيم سمي خليل الله؛ لأنه الذي أحبه محبة تامة، وأحب الله هو محبة تامة (¬2). قال: وقيل: الخليل الفقير، فجائز أن يكون سمي فقير الله، أي الذي يجعل فقره وفاقته إلى الله جل وعز مخلصًا في ذلك (¬3).
والخلة: الحاجة، من الإخلال الذي يلحق الإنسان، والخُلّة الصداقة، لأن كل واحد من الخليلين يسد خلل صاحبه في المودة والحاجة إليه.
فهذان القولان ذكرهما جميع أهل المعاني (¬4)، والاختيار هو الأول (¬5)، لأن الله جل وعز خليل إبراهيم، وإبراهيم خليل الله، ولا يجوز أن يقال: الله خليل إبراهيم من الخلة التي هي الحاجة، ولأن ابن عباس قال في قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} صفيًا بالرسالة والنبوة (¬6)؛ ولأن جميع أهل المعاني ذكروا في سبب تسمية إبراهيم خليل الله: أنه لما صار الرمل الذي أتى به غلمانُه دقيقًا، قالت له امرأته: هذا من عند خليلك المصري؛ قال إبراهيم: هذا من عند خليلي الله. والقصة مشهورة (¬7).
¬__________
(¬1) ما بين القوسين غير واضح، ويبدو أنه: "الخليل الولي" والمحب ... وفي "معاني الزجاج" 2/ 112: "الخليل المحب ... ".
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 112، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 125 ب.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 112، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 126 أ.
(¬4) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 126 أ.
(¬5) انظر: البغوي 2/ 292.
(¬6) في " الكشف والبيان" 4/ 125 ب من رواية الكلبي، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 98.
(¬7) حاصل هذه القصة: أن إبراهيم عليه السلام أصابته حاجه فذهب يطلب الطعام عند خليل =