قال الشافعي - رضي الله عنه -: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم فيقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، وأنت أعلم بما لا أملك" (¬1).
يعني -والله أعلم- قلبه وفرط محبته لعائشة رضي الله عنها.
وكان عمر -رضي الله عنه- يقول: اللهم أما قلبي فلا أملك، وأما ما سوى ذلك فأرجو أن أعدل (¬2).
وقوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} قال ابن عباس: يريد لا أيمًا، ولا ذات بعل (¬3).
وهو قول جميع أهل التفسير (¬4)، يقول: لا تميلوا إلى الثانية كل الميل، فتدعوا الأخرى كالمنوطة مثلًا، لا في الأرض ولا في السماء، كذلك هذه، لا تكون مخلية فتتزوج، ولا ذات بعل يُحسن عشرتها ونفقتها.
{وَإِنْ تُصْلِحُوا} بالعدل في القسم. {وَتَتَّقُوا} الجور.
{فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} لما ملت إلى التي تحبها بقلبك، بعد العدل في القسمة (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود (2134) كتاب: النكاح، باب: القسمة بين النساء، وقال أبو داود يعني القلب، والنسائي (1140) كتاب عشرة النساء، باب: (2) ميل الرجل إلى بعض نسائه 7/ 63، والترمذي في كتاب: النكاح، باب: ما جاء في التسوية بين الضرائر 3/ 437، وحكم عليه النسائي والترمذي بالإرسال، لكن آخره: "فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".
(¬2) من "الكشف والبيان" 4/ 129 أ، وانظر: "البحر المحيط" 3/ 365.
(¬3) "تفسيره" ص 161، وأخرجه الطبري 5/ 316، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 413.
(¬4) انظر: الطبري 5/ 316 - 317، و"بحر العلوم" 1/ 393، و"الكشف والبيان" 4/ 129 أ، و"النكت والعيون" 1/ 511.
(¬5) "الكشف والبيان" 4/ 129 أ.