عربي، ويقال: ألم آمرك أن ائت زيدًا، وأن تأتي زيدًا؟ قال الله تعالى: {إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ} ثم قال {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 14] على النهي بعد قوله: {أَنْ أَكُونَ} وهي قراءة أُبي: (ولا أكون من المشركين)، وقال: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي} [النمل: 91] ولو كان على الأمر: أن أعبد -جزمًا-، لكان صوابًا (¬1).
ثم بيّن أن نفع التقوى عائد إلى العباد، بأنه جل وعز غني عنهم وعن جميع الأشياء فقال:
{وَإِنْ تَكْفُرُوا} أي: بما أوصيكم به.
قال المفسرون: يعني: أن له ملائكة في السموات والأرض هم أطوع له منكم (¬2).
{وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا}. معنى الغني: الذي لا حاجة له (¬3)، والله تعالى غني بذاته، لا بشيء، ولهذا قال أصحابنا: الغني هو القادر على ما يريد؛ لأنه إنما يستغني بقدرته على ما يريد (¬4).
والحميد: المحمود على نعمه (¬5).
133 - قوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ}. قال أهل المعاني: في الآية محذوف، على تقدير: إن يشأ يذهبكم يُذهبكم (¬6)؛ لأنه
¬__________
(¬1) لم أقف على كلام الكسائي.
(¬2) "الكشف والبيان" 4/ 130 ب.
(¬3) انظر: الطبري 5/ 318.
(¬4) من "الكشف والبيان" 4/ 130 ب. وهذا من تأويل الأشاعرة للصفات، حيث أول الغنى بالقدرة.
(¬5) انتهى المؤلف من تفسير الآية (131)، وأتى بعدها بتفسير الآية (133) وترك ما بينهما.
(¬6) انظر: الطبري 5/ 3195