آمَنُوا} يعني: بالألسنة في العلانية {آمَنُوا} بقلوبكم في السر (¬1). ويدلك على هذا أن الله تعالى أخبر عنهم فقال: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41].
وهذان القولان ذكرهما الزجاج، ثم قال: والأول أشبه، والله أعلم (¬2).
وأبو بكر (¬3) الوراق اختار أيضًا أن الآية في المؤمنين، وأن معني الأمر بالإيمان: الثبات عليه، واحتج بأن العرب تقول للقائم: قم، وللقارئ: اقرأ، يريدون الثبات على ذلك العمل، وقال الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، أي: أثبت على عملك (¬4).
وقوله تعالى: {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} قال ابن عباس: "يريد القرآن وما فيه من الأحكام" (¬5).
{وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} قال: "يريد كل كتاب أنزله على النبيين" (¬6). وذلك أنه اسم الجنس، فصلح للعموم.
واختلفوا في قوله: (نزل) و (أنزل)، فقرئ بالضم والفتح (¬7)، فمن
¬__________
(¬1) انظر: "زاد المسير" 2/ 224.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 119.
(¬3) لم يتبين لي من هو، حيث إني وجدت اثنين يطلق عليهما (أبو بكر الوراق). انظر: "سير أعلام النبلاء" 13/ 179، 16/ 388.
(¬4) لم أقف عليه.
(¬5) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 132 ب، و"تنوير المقباس"، بهامش المصحف ص 100.
(¬6) المرجع السابق.
(¬7) أي بضم النون والألف وكسر الزاي فيهما، وبفتحهما مع فتح الزاي، وقرأ بالأولى ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، وبالثانية الباقون. انظر: "السبعة" ص 239، و"الحجة" 3/ 186، 187، و"المبسوط" ص 159، و"النشر" 2/ 253.