وقال أبو العالية: ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها في كفرهم (¬1).
قال أبو عبيد: جعل أبو العالية إصابة الذنوب زيادة في الكفر، كما أن أعمال البر زيادةٌ في الإيمان (¬2).
وقال أبو علي: ما ازدادوه من الكفر إنما هو بقولهم: {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] فهذا زيادة في الكفر. ويدل على أنَّ المستهزئ (¬3) باستهزائه كافر، فيزداد به كفرًا إلى كفره قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]، فإذا كان المجالس مثلهم وإن لم يُظهر ذلك ولم يعتقده، فالقاتل لذلك أشد ذهابًا في الكفر (¬4).
وقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} إن قيل: إن الله عز وجل لا يغفر الكفر وقد أخبر به، فلم قال ههنا فيمن آمن ثم كفر، ثم آمن ثم كفر: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}؟
فالجواب: أن الله تعالى يغفر للكافرين (¬5) كفره إذا آمن، فإن كفر بعد إيمانه لن يغفر له الكفر الأول، لأنه إذا كفر بعد إيمانٍ قبله كفر، كان مُطالبًا بجميع كفره.
وهذا جواب ذكره الزجاج (¬6)، وبه قال بعض الأصوليين (¬7).
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) لم أقف عليه.
(¬3) في المخطوط: "المستهزئين"، والتصويب من "الحجة" 1/ 234.
(¬4) "الحجة" لأبي علي 1/ 234، 235.
(¬5) هكذا في المخطوط، والإفراد أظهر.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 120.
(¬7) لم أقف عليه.