كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

ونحو ذلك قال الزجاج: حتى يرجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وهذا هو الظاهر. وقال قوم: معناه حتى يخرجوا في سبيل الله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صابرًا محتسبًا، وهو هجرة المنافقين (¬2).
والهجرة أنواع: فأعلاها وأفضلها هجرة المهاجرين دورهم ومساكنهم بمكة إلى المدينة، وهم الذين ذكرهم الله في قوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 100]، وذكرهم في القرآن كثير (¬3). وهجرة المنافقين ما ذكرنا.
وهجرتان ثابتتان إلى يوم القيامة (¬4)، وهي هجرة من أسلم من الكفار في دار الكفر، يلزمه أن يهاجر إلى المسلمين، ولا يحل له المساكنة بين أظهرهم والاستسرار بالدين (¬5)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك" (¬6). وهجرة المسلم عما نهى الله عنه (¬7)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 88، وانظر: "زاد المسير" 2/ 155.
(¬2) من "الكشف والبيان" 4/ 96 أ، ولم ينسبه الثعلبي لأحد، وانظر: البغوي 2/ 260، والقرطبي 5/ 308.
(¬3) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 96 أ، و"البغوي" 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، و"القرطبي" 5/ 308.
(¬4) انظر: القرطبي 5/ 308.
(¬5) انظر: "الطبري" 5/ 196، و"البغوي" 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، والقرطبي 5/ 308.
(¬6) أخرج أبو داود (2645) كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، والنسائي واللفظله (4780) كتاب: القسامة، باب القود بغير حديدة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" 2/ 16.
(¬7) "الكشف والبيان" 4/ 96 أ، وانظر: البغوي 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، والقرطبي 5/ 308.

الصفحة 32