كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

واختلفوا في معنى قوله: {يَصِلُونَ}، فالأكثرون قالوا: معنى قوله: {يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} أي يتصلون بهم ويدخلون فيما بينهم بالحِلْف والجوار والالتجاء.
وبه قال الفراء (¬1) والزجاج (¬2)، وعليه تفسير ابن عباس فإنه قال في رواية عطاء: "يريد يلجؤون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" (¬3).
وقال أبو عبيدة: {يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} أي ينتسبون، ووصل واتصل إذا انتسب (¬4)، قال الأعشى:
إذا اتصلتْ قالتْ: أبكرَ بنَ وائلٍ ... البيت (¬5)
وبه قال ابن الأعرابي (¬6) وعبد الله بن مسلم (¬7).
وكلا القولين صحيح، وإن قال بعض الناس (¬8) منكرًا قول أبي عبيدة
¬__________
(¬1) "معاني القرآن" 1/ 281.
(¬2) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 89.
(¬3) ذكره البغوي 2/ 260، وأخرجه بمعناه من طريق عكرمة عن ابن عباس ابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" 2/ 342، وقد عزاه السيوطي أيضًا لابن جرير، ولم أجده عنده.
(¬4) من "مجاز القرآن" 1/ 136 كما يدل عليه مضمون سياقه لبيت الأعشى في تفسير هذِه الآية وكلامه عليهن وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 130، و"الكشف والبيان" 4/ 96/ ب.
(¬5) عجز هذا البيت هو:
وبكرٌ سَبتها والأنوفُ رواغمُ
وهو في ديوان الأعشى الكبير ص 180، و"مجاز القرآن" 1/ 136، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص130، والطبري 5/ 198، و"الكشف والبيان" 4/ 96 ب. والشاهد منه قوله: "إذا اتصلت" أي: انتسبت.
(¬6) "تهذيب اللغة" 2/ 235 (وصل).
(¬7) ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص130.
(¬8) لعله يريد الطبري كما في "تفسيره" 6/ 198 فقد رد هذا القول بشدة وتبعه في ذلك ابن عطية في "المحرر الوجيز" 4/ 164.

الصفحة 34