كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وقوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} هذا وصف ثان معطوف على الوصف الأول للنكرة، وهو قوله: {قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} (¬1).
وحصرت معناه: ضاقت (¬2)، وكل من ضاق صدره بأمر فقد حصر ومنه قول لبيد:
جَرداء يَحصُر دونَها جُرَّامُها (¬3)
يصف نخلة طويلة، يضيق قلبُ صارم ثمرها إذا نظر إلى أعلاها أن يرقى فيها لطولها (¬4).
وذكرنا ما في هذا الحرف عند قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] (¬5).
واختلفوا في موضع قوله: {حَصِرَت} فالأكثرون قالوا: إنه في موضع الحال بإضمار قد (¬6)، وذلك أن قد تقرب الماضي من الحال حتى
¬__________
(¬1) انظر: "الكشف والبيان" 4/ 96 ب، و"الكشاف" 1/ 288، و"المحرر الوجيز" 4/ 163، و"الدر المصون" 4/ 64.
(¬2) "مجاز القرآن" 1/ 136، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 130، والطبري 5/ 198، و"الكشف والبيان" 4/ 96 ب.
(¬3) عجز بيت للبيد وصدره كما في شعره ص (43)، و"اللسان" 2/ 195:
أعرضت وانتصبت كجذع منيفة
وقافيته في "اللسان": "صرامها" بالصاد، ومعنى جرداء: انجرد عنها سعفهان ويحصر: يتعب ويكل. وجرامها: قطاعها.
(¬4) من "تهذيب اللغة" 1/ 837 - 838، وانظر: "اللسان" 2/ 195 (حصر).
(¬5) انظر: "البسيط" (النسخة الأزهرية) 1/ ل 119، 120.
(¬6) انظر: "معاني الزجاج" 2/ 89، و"معاني الحروف" للرماني ص 98، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 641، و"مشكل إعراب القرآن" 1/ 205، و"المحرر الوجيز" 4/ 165، و"البحر المحيط" 3/ 317، و"الدر المصون" 4/ 66.
وقد أشار كل من أبي حيان والسمين الحلبي إلى عدم الاحتياج إلى إضمار "قد" لكثرة ما جاء بدونها.

الصفحة 36