كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ}. وقرئ (السلام) (¬1)، فمن قرأ بالألف فله معنيان:
أحدهما: أن يكون السلام الذي هو تحية المسلمين، أي لا تقولوا لمن حياكم بهذه التحية: إنما قالها تعوذًا، فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا ماله، ولكن كفوا عنه، واقبلوا منه ما أظهره (¬2).
والثاني: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم (وكف يده عنكم فلم يقاتلكم) (¬3):
{لَسْتَ مُؤْمِنًا} (¬4). قال الأخفش: يقال إنما فلان سلام، إذا كان لا يخالط أحدًا، فكأن المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم، ولم يخالطكم في القتال: لست مؤمنًا (¬5).
وأصل هذا من السلامة؛ لأن المعتزل طالب للسلامة. ومن قرأ (السَّلَم) أراد الانقياد والاستسلام إلى المسلمين ومنه قوله: {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} [النحل: 87] أي: استسلموا, ولما يراد منهم (¬6).
¬__________
(¬1) قرأ بإثبات الألف ابن كثير وأبو عمرو وعاصم والكسائي ويعقوب، وقرأ الباقون بحذفها. انظر: "السبعة" ص 236، و"الحجة" 3/ 175، 176، و"المبسوط" ص 158، و"النشر" 2/ 151.
(¬2) "الحجة" 3/ 176، 177، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 92، و"تهذيب اللغة" 2/ 1743 (سلم)، و"حجة القراءات" ص 209، و"الكشف" 1/ 395.
(¬3) ما بين القوسين جاء في "الحجة" 3/ 177 هكذا: "وكفوا أيديهم عنكم، ولم يقاتلوكم" ولعل ما عند المؤلف أصوب، لأن نهاية الكلام جاء بالإفراد.
(¬4) "الحجة" 3/ 177، وانظر: "الكشف" 1/ 195.
(¬5) قول الأخفش من "الحجة" 3/ 177 ولم أقف عليه في كتابه "معاني القرآن". وانظر: "الكشف" 1/ 395.
(¬6) "الحجة" 3/ 177، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 92، و"حجة القراءات" ص =

الصفحة 42