كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وأظهروا ما فيها من ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}، قال ابن عباس: يريد لأنزلت عليهم القطر وأخرجت لهم من نبات الأرض كل ما أرادوا (¬1)، وهذا قول المفسرين (¬2).
وقال أهل المعاني: هذا على وجه التوسعة، لا على أن هناك فوق أو تحت، والمعنى: لأكلوا أكلًا متصلًا كثيرًا، فذكر فوق وتحت للمبالغة فيما ينالون وما يفتح عليهم من الدنيا، كما يقول القائل: فلان في خير من قرنه إلى قدمه، يريد تكاثف الخير وكثرته عنده (¬3)، وهذا قول الفراء (¬4)، والزجاج (¬5)، وابن الأنباري.
قال الزجاج: قد دل الله تعالى بهذا على ما أصابهم من الجدب مما عاقبهم به حتى شكوا ذلك بقولهم: يد الله مغلولة. وأعلم أن التقى سبب التوسعة في الرزق، وهذا كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا} الآية [الأعراف: 96] وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]، وقال في قصة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ} [نوح:10 - 11] (¬6).
¬__________
(¬1) أخرجه بمعناه الطبري 6/ 305، "تفسير الوسيط" 2/ 208، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 305، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.
(¬3) ذكر الطبري 6/ 306، هذا القول واستبعده قائلًا: "وتأويل أهل التأويل بخلاف ما ذكرنا من هذا القول، وكفى بذلك شهيداً على فساده".
(¬4) معاني القرآن 1/ 315، "معاني القرآن" للنحاس 2/ 337، 338، "زاد المسير" 2/ 395.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 191، "زاد المسير" 2/ 395.
(¬6) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 191، وانظر: "زاد المسير" 2/ 395.

الصفحة 466