وهذا مذهب سيبويه (¬1) وقول الفراء (¬2) وأبي إسحاق (¬3) في رفع {غَيْرُ} وأنشد أبو علي على كون (غير) صفة، قول لبيد:
وإذا جوزيتَ قرضًا فاجزِه ... إنما يَجزي الفتى غيرُ الجَملْ (¬4)
فـ (غيرٌ) صفة للفتى (¬5). واحتج الفراء أيضًا على هذا بقوله: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور: 31] (¬6). وذكرنا جواز كون {غَيْرُ} صفة للمعرفة في قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] مستقصى مشروحًا (¬7).
قال أبو إسحاق: ويجوز أن يكون (غير) رفعًا على جهة الاستثناء، المعنى: لا يستوي [القاعدون والمجاهدون] (¬8) إلا أولو الضرر، فإنهم يساوون المجاهدين، لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضر (¬9).
والكلام في رفع المستثنى بعد (.. (¬10) ..) قد مضى في قوله: {مَّا فَعَلُوهُ
¬__________
(¬1) من "الحجة" لأبي علي 3/ 179.
(¬2) "معاني القرآن" 1/ 283.
(¬3) في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 92.
(¬4) شعر لبيد ص 97، و"الحجة" 3/ 180، و"البحر المحيط" 3/ 330.
وجاء في شرح شعره: "الجمل: لعل الكلمة جاءت متممة للقافية، وإنما أراد جنس البهيمة. والمعنى: فإذا عاملك أحد بالخير أو الشر فرد له مثل عمله سواء كان حسنًا أو قبيحًا، إنما يجزى العمل بمثله الإنسان العاقل، لا البهيمة.
(¬5) "الحجة" 3/ 180.
(¬6) "معاني القرآن" 1/ 283.
(¬7) انظر: تفسير الفاتحة (7) في "البسيط" بتحقيق الفوزان.
(¬8) بياض في المخطوط والتسديد من "معاني الزجاج".
(¬9) "معاني الزجاج" 2/ 92، 93.
(¬10) بياض ويحتمل أن يكون الساقط: "المستثنى منه"، أو بعد "إلا".