كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

فهي رسالة، فحسن لفظ الجمع (¬1)، ومن أفرد قال: القرآن كله رسالة واحدة، وأيضًا فإن لفظ الواحد قد يدل على الكثرة وإن لم يجمع كقوله تعالى: {وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 14] فوقع الاسم الواحد على الجمع كما يقع على الواحد، فكذلك الرسالة (¬2).
وقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، أي: يمنعك أن ينالوك بسوء من قتل أو أسر أو قهر (¬3)، وقالت عائشة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} وكان سعدٌ وحذيفة يحرسانه، فأخرج رسول الله رأسه من قبة أدم وقال: "انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله" (¬4).
وقال الزجاج في قوله: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}: أي يحول بينهم وبين أن يصيبك منهم مكروه (¬5)، فإن قيل: أليس قد شج جبينه وكسرت رباعيته؟، قلنا: كان هذا قبل نزول الآية؛ لأن هذه السورة من آخر القرآن نزولا، أو نقول: المراد بالعصمة: أن يعصمه من قتله وأسره على ما ذكرنا أولاً (¬6).
وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]، قال
¬__________
(¬1) انظر: "الحجة" 3/ 245.
(¬2) "الحجة" 3/ 245، 246.
(¬3) انظر: "النكت والعيون" 2/ 53.
(¬4) أخرجه بنحوه الترمذي (3046) كتاب: التفسير، باب: من تفسير سورة المائدة، "تفسير الطبري" 6/ 308، وعزاه في "الدر المنثور" 2/ 529 أيضًا إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 192.
(¬6) انظر: "تفسير البغوي" 3/ 79، "زاد المسير" 2/ 397.

الصفحة 470