كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

73 - قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}، (قال الفراء: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}) (¬1) لا يكون إلا مضافًا, ولا يجوز التنوين في (ثالث) فتنصب الثلاثة، وكذلك قوله: (ثاني اثنين) لا يكون (اثنين إلا) (¬2) مضافًا, لأن المعنى مذهب اسم (¬3)، كأنك قلت: واحد من اثنين، وواحد من ثلاثة، ولو قلت: أنت ثالث اثنين، جاز الإضافة وجاز التنوين ونصب الاثنين، وكذلك: رابعُ ثلاثةٍ، ورابعٌ ثلاثةً؛ لأنه فعل واقع (¬4).
وزاد أبو إسحاق لهذا بيانًا فقال: لا يجوز في (ثلاثةٍ) إلا الخفض؛ لأن المعنى: أحد ثلاثة، فإن قلت: زيد ثالث اثنين، أو: رابع ثلاثة، جاز الخفض والنصب، أما النصب فعلى قولك: كان القوم ثلاثة فربعتهم وأنا رابعهم غدًا، ومن خفض فعلى حذف التنوين، كما قال الله عز وجل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] (¬5)، وذكرنا هذه المسألة مشروحة عند قوله تعالى: {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النساء: 97].
فأما معنى قول النصارى لعنهم الله: (ثالث ثلاثة) ففيه طريقان: الأظهر والأوفق للفظ طريق المفسرين، وهو أنهم قالوا: أرادت النصارى بقولهم: (ثالث ثلاثة) الله ومريم وعيسى، زعموا أن الإلهية بين الثلاثة، وأن كل واحد من هؤلاء إله، يؤكد هذا القول من مذهبهم قوله تعالى للمسيح: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ} [المائدة: 116]
¬__________
(¬1) ما بين القوسين ساقط من (ج).
(¬2) ما بين القوسين ساقط من (ج)، وهكذا هو في (ش)، ولعل الصواب: "ثاني".
(¬3) هكذا في النسختين، ولم يتضح الأسلوب لهذه اللفظة.
(¬4) "معاني القرآن" 1/ 317.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 196.

الصفحة 481