كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

يقيمه إلا أكل الطعام؟ (¬1)، وكل هذا معنى قول ابن عباس في تفسير قوله: {يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} يريد هما لحم ودم، يأكلان ويشربان، ويبولان ويتغوطان (¬2).
قال عبد الله بن مسلم (¬3): هذا ألطف ما يكون من الكناية، لأنه عبر عن الحدث بالطعام، لأن من أكل الطعام لا بد له من أن يحدث (¬4)، فلما ذكر أكل الطعام صار كأنه أخبر عن عاقبته، والطعام والحدث ليسا من أوصاف الإلهية، وأنكر عمرو بن يحيى (¬5) أن يكون هذا كناية عما ذكر، وقال: كأنه لم يعلم أن في الجوع وما ينال أهله من الذلة والعجز والفاقة أدل دليل على أنهم مخلوقون، حتى ادعى على الكلام شيئًا قد أغناه الله عنه.
وقوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ}، قال ابن عباس: نفسر لهم أمر ربوبيتي (¬6).
وقوله تعالى: {ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75]، يقال: أفكه يأفكه أفكًا، إذا صرفه. والإفك: الكذب؛ لأنه صرف عن الحق، وكل مصروف عن شيء مأفوك عنه (¬7)، وأنشد ابن السكيت:
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 315، "تفسير البغوي" 3/ 83.
(¬2) انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 213.
(¬3) ابن قتيبة.
(¬4) "غريب القرآن" ص 144، انظر: "زاد المسير" 2/ 404.
(¬5) لم يتبين من عمرو بن يحيى هذا، ويحتمل أن عمرو تصحفت عن: (أحمد)، فيكون المقصود: أحمد بن يحيى المعروف بثعلبَ، والمؤلف كثير ما ينقل عنه. والله أعلم.
(¬6) انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 213.
(¬7) انظر:"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 144، "تفسير الطبري" 6/ 315، "معاني =

الصفحة 485