إن تكُ عن أحسنِ المروءة مأ ... فوكًا ففي آخرين قد أُفِكُوا (¬1)
وقد أفكت الأرض إذا صرف عنها المطر، وأرض مأفوكة لم يصبها مطر (¬2)، ومعنى: {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} أي يصرفون عن الحق الذي يؤدي إليه تدبر الآيات (¬3).
وقال أبو عبيدة: أي يحرمون الحق، من قولهم: أرض مأفوكة، إذا حرمت (¬4) المطر (¬5)، وهذا كالأول؛ لأن الأرض التي حرمت المطر فقد صرف عنها المطر، وفي هذا دليل أنهم صدوا عن الإيمان وصرفوا عنه بصرفٍ لا من قبلهم.
76 - قوله تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}، في هذه الآية إلزام النصارى على اتخاذ المسيح إلهًا عبادة ما لا ينفع ولا يضر، لأنه لا يملك ذلك إلا الله تعالى (¬6).
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}، قال ابن عباس: يريد سميع لكفركم، عليم بضميركم (¬7)، وفي هذا تحذير من الجزاء بالسيئة، لأنه يعلم
¬__________
= الزجاج" 2/ 197، "بحر العلوم" 1/ 452، و"الصحاح" 4/ 1573 (أفك)، "النكت والعيون" 2/ 57.
(¬1) البيت لعروة بن أذينة كما في الصحاح 4/ 1573 (أفك)، و"معجم شواهد العربية" ص 257، ونسبه في "اللسان" 1/ 97 (أفك) لعمرو بن أذينة، ولعل الأول أقرب.
(¬2) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 315، "تهذيب اللغة" 1/ 174 (أفك)، "النكت والعيون" 1/ 479.
(¬3) انظر: "معاني الزجاج" 2/ 57.
(¬4) في (ج): (حرم) بالتذكير.
(¬5) انظر: "مجاز القرآن" 1/ 174، 175، "تهذيب اللغة" 1/ 174 (أفك).
(¬6) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 315 - 316.
(¬7) في "تفسير الوسيط" 2/ 214 دون نسبة لابن عباس، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 120.