كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

الضلالة من فريقي اليهود والنصارى.
والآية خطاب للذين كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -، نهوا أن يتبعوا أسلافهم فيما ابتدعوه بأهوائهم، وأن يقلدوهم فيما هووا (¬1)، وقال الحسن ومجاهد: (الذين ضلوا من قبل) هم اليهود (¬2)، وعلى هذا (الخطاب) (¬3) للنصارى فقط، يقول: لا تؤثروا الشهوات على البيان كما فعلت اليهود حين كذبوا الرسل ونقضوا العهد، والمراد بالنهي عن اتباع اهوائهم: النهي عن اتباع (أهواء) (¬4) مثل أهوائهم في التكذيب والمخالفة على الرسل، ففي القول الأول وقع النهي على اتباع غير ما هووا، وفي هذا الثاني وقع النهي على اتباع مثل أهوائهم، والتقدير في اللفظ: لا تتبعوا مثل أهواء قوم، أي أهواء مثل أهوائهم، ثم حذف الأهواء الأول وأقيم الثاني مقامه؛ لأنه هوى مثله. والأول أظهر.
وقوله تعالى: {وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77]، إن قيل: أي فائدة لهذا بعد قوله {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ}؟، قيل: معناه: ضلوا عن سواء السبيل بإضلالهم الكثير، فالمعنى: أنهم ضلوا بإضلال غيرهم، فيكون معنى هذا الثاني (¬5)، " (¬6) غير معنى الأول، وهذا معنى قول الزجاج (¬7)، ويجوز أن يكون معنى: {وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} تفسيرًا
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 214، "تفسير البغوي" 3/ 83، "زاد التفسير" 2/ 405.
(¬2) أخرجه عن مجاهد الطبري 6/ 316، انظر: "زاد المسير" 2/ 405.
(¬3) سقطت هذه الكلمة من (ج).
(¬4) في (ج): (هوا).
(¬5) بعد هذه الكلمة وجد سقط في نسخة (ج) بمقدار لوحتين تقريبًا.
(¬6) بداية السقط.
(¬7) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 198.

الصفحة 489