كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

لقوله: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ} لأنه بين في الثاني أن ضلالهم عمَّاذا كان.

78 - قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}، قال أكثر المفسرين: يعني: أصحاب السبت وأصحاب المائدة، أما أصحاب السبت: فإنهم لما اعتدوا قال داود: اللهم العنهم، واجعلهم آية ومثلًا لخلقك، فمسخوا قردة، وأما أصحاب المائدة: فإنهم لما أكلوا من المائدة ولم يؤمنوا، قال عيسى: اللهم العنهم كما لعنت أصحاب السبت، وأصبحوا خنازير. وهذا قول الحسن ومجاهد وقتادة (¬1).
وقال ابن عباس: يريد في الزبور من يكفر من بني إسرائيل، وكذلك في الإنجيل (¬2).
وقيل: {عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى}؛ لأن الزبور لسان داود، والإنجيل لسان عيسى، وقال الزجاج: وجائز أن يكون عيسى وداود أعلما أن محمدًا نبي مبعوث، وأنهما لعنا من يكفر به (¬3)، والقول هو الأول.

79 - قوله تعالى: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} الآية، للتناهي ههنا معنيان: أحدهما: وهو الذي عليه الجمهور، أنه مفاعل من النهي، أي كانوا لا ينهى بعضهم بعضًا (¬4)، قال عطاء عن ابن عباس: "كان بنو إسرائيل ثلاث فرق: فرقة اعتدوا في السبت، وفرقة نهوهم ولكن لم يدعوا مجالستهم ولا مؤاكلتهم، وفرقه لما رأوهم يعتدون ارتحلوا عنهم،
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 317 - 318، "بحر العلوم" 1/ 452، 453، "تفسير الوسيط" 2/ 214، "تفسير البغوي" 3/ 84، "زاد المسير" 2/ 405، 406.
(¬2) أخرجه الطبري 6/ 317.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 198، انظر: "بحر العلوم" 2/ 453.
(¬4) انظر: "تفسير الطبري" 6/ 319، "تفسير البغوي" 3/ 84، "زاد المسير" 2/ 406.

الصفحة 490