وبقيت الفرقتان المعتدية والناهية المخالطة، فلعنوا جميعًا" (¬1) ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرًا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم" (¬2).
وروى ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من رضي عمل قوم فهو منهم، ومن كثر سواد قوم فهو منهم" (¬3).
والمعنى الثاني للتناهي أنه بمعنى الانتهاء، يقال: انتهى عن الأمر وتناهى عنه، إذا كف عنه. وهو قول ابن عباس في هذه الآية: "ليس ينتهون، ولكن كانوا قومًا يعتدون" (¬4).
وقوله تعالى: {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}، أي لبئس شيئًا فعلهم (¬5)، ويجوز أن تكون (ما) ههنا كافة لبئس كما تكف في: إنما وبعدما وربما ولكنما وكأنما وليتما ولعلّما، واللام في (لبئس) لام القسم، كأنه قيل: أقسم لبئس ما كانوا يفعلون (¬6).
80 - قوله تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، أي: من اليهود يتولون كفار مكة، يعني كعب بن الأشرف وأصحابه حين
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) أخرجه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أبو داود برقم 4336، 4337 ومن حديث حذيفة بنحوه أخرجه الإمام أحمد 5/ 388، والترمذي وحسنه برقم 2169.
(¬3) لم أقف عليه.
(¬4) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 121.
(¬5) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 198.
(¬6) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 199 , "زاد المسير" 2/ 407.