القاعدون عن الجهاد من غير عذر والمؤمنون المجاهدون سواء [إلا أولي الضرر فإنهم يساوون المجاهدين لأن الضرر] (¬1) أقعدهم عنه، فهم والمجاهدون سواء، إذا أتوا بشرط شرطه الله تعالى في سورة التوبة، وهو قوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى} إلى قوله: {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91].
ويدل على هذا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد خلفتم بالمدينة أقوامًا، ما سرتم من مسير، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، أولئك أقوام حبسهم العذر" (¬2).
صاحبه استوى بالعامل، إذا صدقت نيَّته، وصحت نصيحته لله ولرسوله.
وقال بعض أهل المعاني: الآية لا تُحمل على مساواة أولي الضرر للمجاهدين في سبيل الله (¬3)، لأن هذه الآية حض لغير (¬4) أولي الضرر على الجهاد، ولم يدخل في الحض (....) (¬5) أولوا الضرر.
وقوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}. قال الكلبي: يقول: فضيلة في الآخرة (¬6).
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين غير واضح في المخطوط بسبب التآكل، والتسديد من "الوسيط" 2/ 678.
(¬2) أخرجه البخاري (4423) بنحوه من حديث أنس بن مالك في كتاب: المغازي، باب: (81)، ومسلم (1911) حديث جابر في كتاب: الإمارة، باب: ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر.
(¬3) انظر: "المحرر الوجيز" 4/ 186.
(¬4) في المخطوط: لغيره.
(¬5) كلمة غير واضحة في المخطوط ويبدو أنها: "عليه".
(¬6) انظر: "بحر العلوم" 1/ 280، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 94.