كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

هذا من باب حذف المضاف على معنى: جعل الله نَصبَ الكعبة قيامًا للناس، أي نصبها ليقوموا إليها لزيارتها (¬1).
ويؤكد هذا التفسير قول عطاء في هذه الآية: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} ولو تركوا عامًا واحداً لا يحجونه ما نوظروا أن يهلكوا (¬2)، فهذا يدلك على أن معنى الآية: أن الله تعالى حث الناس على القيام إليها، وحكى أبو إسحاق هذا المعنى عن بعضهم فقال: أي مما أمروا أن يقوموا بالفرض فيه (¬3).
وقال جماعة من المفسرين وأكثر أصحاب المعنى: القيام ههنا يراد به القِوام، وهو العماد الذي يقوم به الشيء، والتقدير فيه: جعل الله حج الكعبة البيت الحرام قيامًا لمعاش الناس ومكاسبهم، فاستتبت معايشهم به واستقامت أحوالهم لما يحصل لهم في زيارتها من التجارة وأنواع البركة (¬4)، ولهذا قال سعيد بن جبير: من أتى هذا البيت يريد شيئًا للدنيا والآخرة أصابه (¬5)، فالقيام على هذا يجوز أن يكون بمعنى القوام، قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها، وقد ذكرنا هذا مستقصى في قوله تعالى: {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} في سورة النساء (¬6)، ووجه اختلاف القراء هناك، ويجوز
¬__________
(¬1) "تفسير الطبري" 7/ 76 - 78، "النكت والعيون" 2/ 69.
(¬2) لم أقف عليه.
(¬3) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 210.
(¬4) انظر: الطبري 7/ 76، "بحر العلوم" 1/ 460، "الوسيط" 2/ 231، "زاد المسير" 2/ 430.
(¬5) انظر: "الوسيط" 2/ 231.
(¬6) الآية رقم (5) من النساء.

الصفحة 535