كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

طريقان:
أحدهما: أن الله امتن على المسلمين بأن جعل الكعبة صلاحًا لدينهم ودنياهم، وقيامًا لهما بها.
والثاني: أنه أخبر عما فعله من أمر الكعبة في الجاهلية، قال أبو بكر: والقيام يقال في تفسيره غير وجه: منها: الأمن, لأن الناس يقومون بالأمن ويصلح شأنهم من جهته، ويقال للقيام: العصمة، من قولهم: فلان يقوم على القوم إذا كان يكفل بمؤوناتهم، وهذا قول الربيع بن أنس في قوله: {قِيَامًا لِلنَّاسِ} قال: عصمة لهم (¬1)، قال: والقيام: إصلاح، من قوله عز وجل: {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] أي صلاحًا ومعاشًا (¬2).
وقوله تعالى: {وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ}، أراد الأشهر الحرم الأربعة، وخرج مخرج الواحد؛ لأنه ذهب به مذهب الجنس، وهو عطف على المفعول الأول لجعل، ومثل ذلك: ظننت زيدًا منطلقًا وعمرًا، وذكرنا معنى الهدي والقلائد في أول السورة (¬3).
وقوله تعالى: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا} إلى آخرها, لم أر للمفسرين فيه شيئًا، وذكر أصحاب المعاني فيه قولين:
أحدهما: أن الإشارة في قوله: (ذلك) إلى ما ذُكِر في هذه الآية من جعل الكعبة صلاحًا وأمنًا وقوامًا للناس، وهو قول ابن قتيبة (¬4)، وأبي
¬__________
(¬1) لم أقف عليه.
(¬2) "زاد المسير" 2/ 430، 431.
(¬3) عند تفسير الآية الثانية من هذه السورة (المائدة).
(¬4) "تأويل مشكل القرآن" ص 73، 74.

الصفحة 538