كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 7)

وخبرها (اثنان)، والمعنى: شهادة هذه الحال شهادة اثنين، فحذف المضاف، قال: ويجوز أن يكون المعنى فيما فَرضَ عليكم في شهادتكم أن يشهد اثنان، فيرتفع (اثنان) بشهادة والمعنى أن يشهد اثنان (¬1)، واختار أبو علي القول الأول من قولي الزجاج (¬2).
وقال صاحب النظم: (شهادة) مصدر وضع موضع الأسماء، يريد بالشهادة الشهود، كما يقال: رجل عدلٌ ورضا، ورجال عدل ورضا وزَوْرٌ، وإذا جعلت الشهادة بمعنى الشهود قدرت معه حذف المضاف، ويكون المعنى: عدد شهود بينكم اثنان، واستشهد على هذا بقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] أراد وقت الحج، ولولا هذا التأويل لكان قوله: (أشهر) منصوبًا على تأويل: الحج في أشهر معلومات، فقدر صاحب النظم حذف المضاف من الابتداء، وقدره الزجاج من الخبر.
وقوله تعالى: {بَيْنِكُمْ}، قال أبو علي: اتسع في (بين) وهي ظرف فجعل اسمًا، وأضيف إليه المصدر، وهذا يدل على أنه يجوز الاتساع في الظروف بجعلها اسمًا في غير الشعر، كقوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} [الأنعام: 94] في قول من رفع، فجاء في غير الشعر، كما جاء في الشعر نحو قوله:
فصادفَ بين عَيْنَيه (الجنونا) (¬3) (¬4)
¬__________
(¬1) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 214.
(¬2) انظر: "الحجة للقراء السبعة" لأبي علي الفارسي 3/ 262.
(¬3) هكذا في النسختين (ج)، (ش) بالنون، وفي "الحجة" لأبي علي 3/ 362 (الجبوبا) وكذا في اللسان 1/ 532 (جبب) قال في شرحه: "الجبوب وجه الأرض ومتنها" ولعل ما في "الحجة" هو الأصوب فهو الأصل، وقد نسب البيت في اللسان لأبي خراش الهذلي.
(¬4) "الحجة" 3/ 362.

الصفحة 565