والحبَل، والولادة، والاستهلال.
وقال أبو عبيد (¬1): مما يدل على صحة هذا القول قوله في أول الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فعم في خطابه المؤمنين، فلما قال بعد ذلك {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} لم يغلب عليه إلا معنى: من غير أهل دينكم، إذ كان لم يخصص في أول الآية، ولم يخاطب قومًا مختصين من المؤمنين دون قوم (¬2).
وذهب آخرون، إلى أنه لا يجوز شهادة أهل الذمة في شيء من أحكام المسلمين، ولا يقبل قولهم، ولا يثبت بشهادتهم حكم، وعليه الناس اليوم، فقالوا في قوله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي: من حَيِّكم وقبيلتكم ورفقتكم {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أي: من غير قبيلتكم ورفقتكم، وهو قول الحسن والزهري وأبي موسى، قالوا: ولا يجوز شهادة كافر في سفر ولا حضر (¬3)، واختاره الزجاج فقال: قال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، والشاهد إذا عُلِمَ أنه كذاب لم تقبل شهادته، وقد علمنا أن النصارى زعمت أن الله تعالى: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73] وأن اليهود قالت: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] فعلمنا أنهم يكذبون، فكيف تجوز شهادة من هو مقيم على الكذب؟ (¬4).
فهؤلاء جعلوا الآية في المسلمين.
¬__________
(¬1) ينظر: "الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز" ص 155 - 165.
(¬2) ينظر: "الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز" لأبي عبيد ص 163، 164.
(¬3) "تفسير الطبري" 7/ 106، "معاني القرآن وإعرابه" للنحاس 2/ 377، "النكت والعيون" 1/ 494، "زاد المسير" 2/ 446.
(¬4) "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 216.