والتفسير بخلاف هذا؛ لأن قوله: {سَجَدُوا} يراد به الطائفة الأولى، ومعنى السجود: ههنا الصلاة، أي: إذا صلوا هم {فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} أي الطائفة الثانية الذين لا يصلون (¬1)، فجعل أبو حنيفة السجود والكون من ورائكم لطائفة أخرى ....) (¬2).
بأنهم لم يصلوا فائدة، وأيضاً فإن قوله: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} ظاهره يدل على أن يكون جميع صلاة الطائفة الثانية مع الإمام؛ لأن مطلق قولك: صليت مع الإِمام، أنك أدركت جميع الصلاة معه، وعنده ليس كذلك.
فأما حمل السلاح في الصلاة فهو فرض عند بعض العلماء (¬3)، وسنة مؤكدة عند بعضهم (¬4)، والشرط أن لا يحمل سلاحًا نجسًا إن أمكنه (¬5)،
¬__________
(¬1) هذا ما يدل عليه حديث ابن عباس المتقدم، وكذلك سهل بن أبي حَثْمَة، وإليه ذهب الشافعي، وهو مذهب مالك وأحمد وإسحاق، واختاره الطبري. انظر: "الأم" 1/ 210، 211، والطبري 5/ 258، و"الكشف والبيان" 4/ ل 110، 111، و"النكت والعيون" 1/ 524، 525، والبغوي 2/ 277، و"المغني" لابن قدامة 3/ 299 - 301، والقرطبي 5/ 365، 366، و"شرح صحيح مسلم" للنووي 6/ 125.
قال البغوي: "وكلتا الروايتين صحيحة، فذهب قوم إلى أن هذا من الاختلاف المباح". وقال ابن قدامة: "وإن صلى بهم كمذهب أبي حنيفة جاز. نص عليه أحمد، ولكن يكون تاركًا للأولى والأحسن. وبهذا قال ابن جرير، وبعض أصحاب الشافعي".
(¬2) طمس في المخطوط بقدر أربعة أسطر.
(¬3) عند عدم المرض الذي يشق معه حمل السلاح أو التأذي بالمطر، وهذا أحد قولي الشافعي. انظر: "الأم" 1/ 219، و"أحكام القرآن" لابن العربي 1/ 494، و"المغني" 3/ 311، وابن كثير 1/ 604.
(¬4) هذا قول أكثر أهل العلم. انظر: "المغني" لابن قدامة 3/ 311، والقرطبي 5/ 371 "شرح صحيح مسلم" للنووي 6/ 125.
(¬5) انظر: الأم 1/ 219، و"المغني" 3/ 311.